قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البحر المحيط في التفسير [ ج ١ ]

567/671
*

الإيمان لهم ، وتنبيههم على تعلم أدب من آداب الشريعة ، بأن نهوا عن قول لفظ لإيهام ما إلى لفظ أنص في المقصود ، وأصرح في المطلوب. ثم ذكر ما للمخالف من العذاب الذي يذله ويهينه. ثم نبه على أن هذا الذي أمرتم به هو خير ، وأن الكفار لا يودّون أن ينزل عليكم شيء من الخير. ثم ذكر أن ذلك ليس راجعا لشهواتهم ، ولا لتمنيهم ، بل ذلك أمر إلهي يختص به من يشاء ، وأنه تعالى هو صاحب الفضل الواسع. ولما كان صدر الآية فيه انتقال من لفظ إلى لفظ ، وأن الثاني صار أنص في المقصود بين أن ما يفعله الله تعالى من النسخ ، فإنما ذلك لحكمة منه ، فيأتي بأفضل مما نسخ أو بما ماثله. وإن من كان قادرا على كل شيء ، فله التصرّف بما يريد من نسخ وغيره. ونبه المخاطب على علمه بقدرة الله تعالى ، وبملكه الشامل لسائر المخلوقات ، وإنما نحن ما لنا من دونه من مانع يمنعنا منه. فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ، ثم أنكر على من تعلقت إرادته بأن يسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سؤالا غير جائز ، كسؤالات قوم موسى له. ثم ذكر أن من آثر الكفر على الإيمان ، فقد خرج عن قصد المنهج. ثم ذكر أن الكثير من أهل الكتاب يودون ارتدادكم ، وأن الحامل لهم على ذلك الحسد. ثم أمروا بالموادعة والصفح ، وغيا ذلك بأمر الله ، فإذا أتى أمر الله ارتفع الأمر بالعفو والصفح.

ثم اختتم الآية بذكر قدره الله تعالى على كل شيء ، لأن قبله وعدا بتغيير حال ، فناسب ذلك ذكر القدرة. ثم أمرهم بما يقطع عنهم تلفت أقوال الكفار ، وهي الصلاة والزكاة ، وأخبر أن ما قدمتموه من الخير فإنه لا يضيع عند الله ، بل تجدوه مذخورا لكم. ثم اختتم ذلك حيث نبه على أن ما عمل من الخير هو عند الله ، بذكر صفة البصر التي تدل على مشاهدة الأشياء ومعاينتها. ثم نعى على اليهود والنصارى من دعواهم أنهم مختصون بدخول الجنة ، وأن ذلك أكذوبة من أكاذيبهم المعروفة ، وأنهم طولبوا بإقامة البرهان على دعوى الاختصاص. ثم ذكر أن من انقاد ظاهرا وباطنا لله تعالى فله أجره وهو آمن ، فلا يخاف مما يأتي ولا يحزن على ما مضى. ثم أخذ يذكر مقالات النصارى واليهود بعضهم في بعض ، وأنها مقالة من أظهر التبرّؤ مما جاءت به الرسل وأفصحت عنه الكتب المنزلة ، وذلك كله على جهة العناد ، لأنهم تالون للكتب عالمون بما انطوت عليه ، فصاروا في الحياة الدنيا على مثل حالهم في الآخرة. كما أخبر تعالى عنهم بقوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (١). ثم ذكر أن مقالتهم تلك ، وإن كانوا عالمين ،

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٢٥.