على اللام وحذفها قال : قل اتخذتم ، بفتح اللام ، لأن الهمزة كانت مفتوحة. وعند الله : ظرف منصوب باتخذتم ، وهي هنا تتعدى لواحد ، ويحتمل أن تتعدى إلى اثنين ، فيكون الثاني الظرف ، فيتعلق بمحذوف ، والعهد هنا : الميثاق والموعد ، وقال ابن عباس معناه : هل قلتم لا إله إلا الله ، وآمنتم وأطعتم فتدلون بذلك وتعلمون خروجكم من النار؟ فعلى التأويل الأول المعنى : هل عاهدكم الله على هذا الذي تدعون؟ وعلى الثاني : هل أسلفتم عند الله أعمالا توجب ما تدعون؟.
(فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) : هذه الجملة جواب الاستفهام الذي ضمن معنى الشرط ، كقولك : أيقصدنا زيد؟ فلن نجيب من برنا. وقد تقدم الخلاف في جواب هذه الأشياء ، هل ذلك بطريق التضمين أي يضمن الاستفهام والتمني والأمر والنهي إلى سائر باقيها معنى الشرط؟ أم يكون الشرط محذوفا بعدها؟ ولذلك قال الزمخشري : فلن يخلف متعلق بمحذوف تقديره : إن اتخذتم عنده عهدا فلن يخلف الله عهده ، كأنه اختار القول الثاني من أن الشرط مقدر بعد هذه الأشياء. وقال ابن عطية : (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) ، اعتراض في أثناء الكلام ، كأنه يريد أن قوله : (أَمْ تَقُولُونَ) معادل لقوله : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) ، فصارت هذه الجملة ، بين هاتين اللتين وقع بينهما التعادل ، جملة اعتراضية ، فلا يكون لها موضع من الإعراب ، وكأنه يقول : أي هذين واقع؟ أاتخاذكم العهد عند الله؟ أم قولكم على الله ما لا تعلمون؟ وأخرج ذلك مخرج المتردد في تعيينه على سبيل التقرير ، وإن كان قد علم وقوع أحدهما ، وهو قولهم : (عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، ونظيره : (وَإِنَّا ، أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١). وقد علم أيهما على هدى وأيهما هو في ضلال. وقيل : أم هنا منقطعة فيتقدر ببل والهمزة ، كأنه قال : بل أتقولون على الله ما لا تعلمون؟ وهو استفهام إنكار ، لأنه قد وقع منهم قولهم : على الله ما لا يعلمون ، فأنكروا عليهم صدور هذا منهم. وفي قوله : (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) دليل على أن الله لا يخلف وعده. واختلف في الوعيد ، فذهب الجمهور إلى أنه لا يخلفه ، كما لا يخلف وعده. وذهب قوم إلى جواز إخلاف إيعاده ، وقالوا : إخلاف الوعد قبيح ، وإخلاف الوعيد حسن ، وهي مسألة يبحث فيها في أصول الدين.
(بَلى) : حرف جواب يثبت به ما بعد النفي ، فإذا قلت : ما قام زيد ، فقلت : نعم ، كان تصديقا في نفي قيام زيد. وإذا قلت : بلى ، كان نقضا لذلك النفي. فلما قالوا : (لَنْ
__________________
(١) سورة سبأ : ٣٤ / ٢٤.