للخليل في أحد قوليه ، ولا نونها بدل من ألف ، فيكون أصلها لا خلافا للفرّاء ، ولا يقتضي النفي على التأبيد خلافا للزمخشري في أحد قوليه ، ولا هي أقصر نفيا من لا إذ لن تنفي ما قرب ، ولا يمتد معنى النفي فيها كما يمتد في لا خلافا لزاعمه ، ولا يكون دعاء خلافا لزاعمه ، وعملها النصب ، وذكروا أن الجزم بها لغة ، وأنشد ابن الطراوة :
لن يخب الآن من رجائك من |
|
حرك دون بابك الحلقة |
ولها أحكام كثيرة ذكرت في النحو. الوقود : اسم لما يوقد به ، وقد سمع مصدرا ، وهو أحد المصادر التي جاءت على فعول ، وهي قليلة ، لم يحفظ منها ، فيما ذكر ، الأستاذ أبو الحسن بن عصفور سوى هذا ، والوضوء والطهور والولوع والقبول ، الحجارة : جمع الحجر ، والتاء فيها لتأكيد تأنيث الجمع كالفحولة. أعدّت : هيئت.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) نزلت في جميع الكفار. وقال ابن عباس ومقاتل : نزلت في اليهود ، وسبب ذلك أنهم قالوا : هذا الذي يأتينا به محمد لا يشبه الوحي وإنا لفي شك منه ، والأظهر القول الأول. ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما احتج تعالى عليهم بما يثبت الوحدانية ويبطل الإشراك ، وعرفهم أن من جعل لله شريكا فهو بمعزل من العلم والتمييز ، أخذ يحتج على من شك في النبوة بما يزيل شبهته ، وهو كون القرآن معجزة ، وبين لهم كيف يعلمون أنه من عند الله أم من عنده ، بأن يأتوا هم ومن يستعينون به بسورة هذا ، وهم الفصحاء البلغاء المجيدون حوك الكلام ، من النثار والنظام والمتقلبون في أفانين البيان ، والمشهود لهم في ذلك بالإحسان. ولما كانوا في ريب حقيقة ، وكانت إن الشرطية إنما تدخل على الممكن أو المحقق المبهم زمان وقوعه ، ادعى بعض المفسرين أن إن هنا معناها : إذا ، لأن إذا تفيد مضي ما أضيفت إليه ، ومذهب المحققين أن إن لا تكون بمعنى إذا. وزعم المبرد ومن وافقه أن لكان الماضية الناقصة معان حكما ليست لغيرها من الأفعال الماضية ، فلقوه كان زعم أن إن لا يقلب معناها إلى الاستقبال ، بل يكون على معناه من المضي إن دخلت عليه إن ، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أن كان كغيرها من الأفعال ، وتأولوا ما ظاهره ما ذهب إليه المبرد ، إما على إضمار يكن بعد إن نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ) (١) أي إن يكن كان قميصه ، أو على أن المراد به التبيين ، أي أن يتبين كون قميصه قدّ.
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٢٦.