خيرا من أوّلها ، وأمتعك بما أنعم به ، وأمتع رعيتك بك ، فأمر أن تعجل له صلته ، ووجّه ببعض خاصته معه وقال : سل عن مهنته فإني أخاله كاتبا ، فرجع الرّسولان معا ، فقال الأول : وجدت الأول حائكا ، وقال الآخر : وجدت الرجل كاتبا ، فقال المهدي : لم يخف عليّ مخاطبة الكاتب والحائك.
قال (١) : وأنا محمّد بن علي بن مخلد الورّاق ، أنا أحمد بن محمّد بن عمران ، نا محمّد ابن يحيى الصّولي قال : قال عمرو بن أبي عمرو الأعجميّ : اعترضت امرأة المهدي فقالت : يا عصبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم انظر في حاجتي ، فقال المهدي : ما سمعتها من أحد قبلها ، ثم قال : اقضوا حاجتها ، وأعطوها عشرة آلاف درهم.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.
ح أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، وأبو الحسن بن العلّاف.
قالا : أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا أبو سهل النحوي قال : ذكروا أن المهدي خرج إلى الحج حتى إذا كان بزبالة (٢) جلس يتغدى حتى أتى بدوي ، فوقف بالباب ، فنادى : يا أمير المؤمنين ، إنّي عاشق ، فرفع صوته فقال للحاجب : ويك ما هذا؟ قال : إنسان بالباب يصيح : إنّي عاشق ، قال : أدخلوه ، فأدخلوه عليه ، فقبّل يده وقعد يأكل معه فقال له : من عشيقتك؟ قال : ابنة عمّي قال : أولها أب؟ قال : نعم ، قال : فإنه لا يزوّجكها؟ قال : هاهنا شيء يا أمير المؤمنين ، قال : فأخبرني ما هو ، قال : ادن مني أذنك ، قال : فأدنى منه أذنه ، فقال : إنّي هجين ، فقال المهدي : فما يكون؟ قال : إنه عندنا عيب ، فأرسل في طلب أبيها فائتني به فدخل عليه ، فقبّل يده ، وقعد يأكل مع أمير المؤمنين فقال له : هذا ابن أخيك؟ قال : نعم ، قال : فلم لا تزوجه بكريمتك؟ فقال مثل مقالة ابن أخيه ، وكان من ولد العبّاس عنده على المائدة جماعة فقال : هؤلاء كلهم بنو العبّاس ، وهم هجن ما الذي يضرهم من ذلك ، قال : هو عندنا عيب ، فلما فرغوا من طعامهم وغسلوا أيديهم ، قال له المهدي : زوّجه إيّاها على عشرين ألف درهم ، عشرة آلاف درهم للعيب وعشرة آلاف مهرها ، قال : نعم ، قال : فحمد الله وأثنى عليه وزوّجه
__________________
(١) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٩.
(٢) زبالة منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق (معجم البلدان).