بكر ، أنبأنا أبو عبد الله الهروي ، أنبأنا محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(١) قال : فقال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين ، قالوا : إن كان فيها خمسون لم نعذبهم ، قال : فأربعون؟ قال : وأربعون ، قال : فثلاثون؟ قالوا : وثلاثون ، قال : وعشرون؟ قالوا : وعشرون ، قالوا : وإن كان فيهم عشرة؟ فقال : قوم لا يكون فيهم عشرة مسلمين لا خير فيهم.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو تراب الأنصاري ، وأبو الحسن الخشوعي ، قالوا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأنا إسحاق بن بشر ، أخبرني جويبر عن الضحاك ، ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال :
لما بشّر إبراهيم بقول الله : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى) بإسحاق (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) وإنما كان جداله أنه قال : يا جبريل ، أين تريدون؟ وإلى من بعثتم؟ قالوا : إلى قوم لوط ، وقد أمرنا بعذابهم ، فقال إبراهيم : (إِنَّ فِيها لُوطاً ، قالُوا : نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ)(٢) وكانت زعموا تسمّى والغة قال : فقال إبراهيم : إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم؟ قال جبريل : لا ، قال : إن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم؟ فقال جبريل : لا ، قال : فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم؟ قال جبريل : لا ، حتى انتهى العدد إلى واحد مؤمن ، قال جبريل : لا ، فلما لم يذكروا لإبراهيم أنّ فيها مؤمنا واحدا.
قال : وأنبأنا إسحاق ، أخبرني جويبر عن الضحاك ، ومقاتل عن مجاهد قالا : أسقط في يدي إبراهيم حين قال جبريل : إن كان فيهم مؤمن واحد لا نعذّبهم ، فخاف إبراهيم على لوط ، فقال : (إِنَّ فِيها لُوطاً) ليدفع به عنهم ، فقالوا : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها ، لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ـ يعني من الباقين الذين أهلكوا ولم ينجوا ، إنّما أنجى لوطا وغبرت امرأته مع الغابرين ، فهلكت ، فقال جبريل : (يا إِبْراهِيمُ ، أَعْرِضْ عَنْ هذا ، إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ)(٣) في هلاك قوم لوط ، وأنه الغداة (آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)(٤) قال : فانطلق جبريل ومن معه من الملائكة إلى لوط ، فلما انتهوا إليه وهو في زرع له ببئر الأرض ، فسلّموا عليه ، فحسب لوط أنهم رجال ، فلما أمسوا استحيا منهم ألّا يعرض عليهم ، وخاف من قومه
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٧٤.
(٢) سورة العنكبوت ، الآية : ٣٢.
(٣) سورة هود ، الآية : ٧٦.
(٤) سورة هود ، الآية : ٧٦.