أبو بكر أحمد (١) بن كامل بن خلف بن شجرة القاضي ، حدّثني عبد الله بن أحمد بن عيسى المقرئ المعروف بالقسطاطي ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن أحمد بن سهل قال :
قدم علينا سعد بن زنبور فأتيناه ، فحدّثنا فقال : كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليه ، فلم يؤذن لنا ، قال : فقيل لنا : إنّه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن ، قال : وكان معنا رجل مؤدب وكان صيتا قال : فقلنا له : اقرأ ، قال : فقرأ : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ)(٢) ورفع بها صوته ، قال : فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بلّ لحيته بالدموع ، ومعه خرقة ينشف بها الدموع من عينيه وأنشأ يقول :
بلغت الثمانين أو جزتها |
|
فما ذا أؤمّل أو أنتظر |
أتى لي ثمانون من مولدي |
|
فبعد الثمانين ما ينتظر |
علتني السنون فأبلينني |
|
........ |
قال : ثم خنقته العبرة قال : وكان معنا علي بن خشرم فأتمّه لنا فقال :
علتني السّنون فأبلينني |
|
فدقّت عظامي وكلّ البصر |
قال : ثم قال القاضي (٣) : ولدت في سنة ستين ومائة ، وأنشدنا :
عقد الثمانين عقد ليس يبلغه |
|
إلّا المؤخّر للأخبار والعبر (٤) |
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد بن عبد القوي ، حدّثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي قال : أنشدنا أبو محمّد عبد الله بن عمر بن عبد ربه الأندلسي ، أنشدني محمّد بن أحمد الأندلسي للفضيل بن عياض :
إنّا لنفرح بالأيّام ندفعها |
|
وكلّ يوم مضى نقص من الأجل |
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا |
|
فإنّما الربح والخسران في العمل |
كتب إليّ أبو سعيد محمّد بن محمّد المطرّز ، وأبو علي الحدّاد ، وأبو القاسم غانم بن محمّد بن عبيد الله.
__________________
(١) بالأصل : «محمد» تصحيف ، والصواب ما أثبت «أحمد» ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٤٤ وتاريخ بغداد ٤ / ٣٥٨.
(٢) سورة التكاثر ، الآيتان ١ و ٢.
(٣) يعني أحمد بن كامل بن شجرة.
(٤) كلام القاضي ابن شجرة والشعر في ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ٣٥٨.