أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثقفي ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء ـ هو العبدي ـ حدّثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه (١) قال :
قال عيسى : يا علماء السّوء جلستم على أبواب الجنة ، فلا أنتم تدخلون الجنّة ، ولا تدعون المساكين يدخلونها ، إنّ شرّ الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، حدّثنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدّثنا جعفر بن أحمد الدهان الكوفي ، حدّثنا علي بن عبد الحميد ، حدّثنا جعفر بن صبح ، عن عيسى المرادي قال :
قال عيسى بن مريم : إن كنتم أصحابي وإخواني فوطّنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس ، فإنكم إن لم تفعلوا فلستم لي بإخوان ، إنّي إنّما أعلّمكم لتعلموا لا لتعجبوا (٢) ، إنّكم لا تبلغون ما تأملون إلّا بصبركم على ما تكرهون ، ولا تنالون ما تريدون إلّا بترككم ما تشتهون ، إيّاكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة ، طوبى لمن كان بصره في (٣) قلبه ، ولم يكن قلبه في بصر عينه ، ما أبعد ما فات ، وما أدنى ما هو آت ، ويل لصاحب الدنيا ، كيف يموت وتتركه؟ ويثق (٤) بها وتغره؟ ويأمنها وتمكر به؟ ويل (٥) للمغترين قد أزفهم ما يكرهون ، وجاءهم ما يوعدون ، وفارقوا ما يحبّون (٦) في طول الليل والنهار ، فويل لمن كانت الدنيا همّه والخطايا عمله ، كيف يقتضي غدا بربه؟ ولا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم وإن كانت ليّنة ، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ، لا تنظروا في ذنوب الناس كهيئة الأرباب ، وانظروا في ذنوبكم كهيئة العبيد ، إنّما الناس رجلان : معافى ومبتلى ، فاحمدوا الله على العافية ، وارحموا أهل البلاء متى نزل الماء على جبل ، ألا يلين له؟ ومذ متى تدرسون (٧) الحكمة ولا تلين (٨) لها قلوبكم؟ بقدر ما تواضعون كذلك ترحمون ، وبقدر ما تحرثون كذلك تحصدون ، علماء السّوء مثلهم كمثل شجرة الدّفلى تعجب من نظر إليها وتقتل من يأكلها ، كلامكم شفاء يبرئ الداء ، وأعمالكم داء لا يبرئه شفاء ،
__________________
(١) من طريقه رواه ابن كثير في قصص الأنبياء ٢ / ٤٣٢ والبداية والنهاية ٢ / ١٠٨.
(٢) غير واضحة بالأصل ، ونميل إلى قراءتها : «لنقيموا» والمثبت عن المختصر.
(٣) الأصل : «من» والمثبت عن المختصر.
(٤) كلمة «يثق» كتبت تحت الكلام بين السطرين بالأصل.
(٥) تقرأ بالأصل : «وهي» والمثبت عن المختصر.
(٦) كذا رسمها بالأصل ، وفي المختصر : ويجنون.
(٧) بالأصل : يدرسون ... يلين.
(٨) بالأصل : يدرسون ... يلين.