أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو الحسين بن الفرّاء ، قالا : حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الإيادي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن صالح الأبهري (١) ، حدّثنا عثمان بن علي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد السامي ، حدّثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : سمعت ابن عيينة يقول :
قال عيسى : يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رءوسكم ، والآخرة تحت أقدامكم ، قولكم شفاء ، وعملكم داء ، مثلكم مثل شجرة الدّفلى (٢) ، تعجب من رآها وتقتل من أكلها.
قال الخطيب : وأنبأ الحسن بن علي الجوهري ، أنبأنا محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثنا أحمد بن عيسى المكي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، حدّثنا عبد الغفور بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه (٣).
أن عيسى بن مريم قال : ويلكم يا عبيد الدنيا ، ما ذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها ، كذلك لا يغني عن العالم كثرة علمه إذا لم يعمل به ، ما أكثر ثمار الشجر وليس كلها ينفع ولا يؤكل ، وما أكثر (٤) العلماء وليس كلهم ينتفع بما علم ، فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف منكسين رءوسهم للأرض ، يطرفون من تحت حواجبهم كما يرمق الذباب (٥) ، قولهم مخالف فعلهم ، من يجتني من الشوك العنب؟ ومن الحنظل التين؟ كذلك لا يثمر قول العالم الكذّاب إلّا زورا ، إنّ البعير إذا لم يوثقه صاحبه في البرية نزع إلى وطنه وأصله ، وإنّ العلم إذا لم يعمل به صاحبه خرج من صدره وخلا منه وعطّله ، وإنّ الزرع لا يصلح إلّا بالماء والتراب ، كذلك لا يصلح الإيمان إلّا بالعلم والعمل ، ويلكم يا عبيد الدنيا! إنّ لكلّ شيء علامة (٦) يعرف بها ، وتشهد له أو عليه ، وإنّ للدين ثلاث علامات يعرف بهن : الإيمان ، والعلم ، والعمل.
أخبرتنا أم الفتوح فاطمة بنت عبد الله القيسية ، قالت : أخبرتنا عائشة بنت الحسن الوركانية ، قالت : حدّثنا عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهيثم (٧) ، حدّثنا أبو علي
__________________
(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٣٢.
(٢) الدفلى : شجر مرّ ، سامّ.
(٣) رواه ابن كثير في قصص الأنبياء ٢ / ٤٣٢ والبداية والنهاية ٢ / ١٠٨.
(٤) كلمة غير مقروءة بالأصل ، ثم شطبت ، وكتب فوقها «أكثر» وهو ما أثبتناه.
(٥) كذا بالأصل ، وفي المختصر : الذئاب.
(٦) الأصل : «علانية» والمثبت عن المختصر.
(٧) كذا رسمها بالأصل هنا ، ومرّ قريبا هذا السند ، في خبر آخر : في قصص الأنبياء والبداية والنهاية : الهشيم.