محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أبو بكر الجوزقي ، أنا أبو العباس الدّغولي ، قال : سمعت محمّد بن المهلّب يقول : حدثنا يعلى بن عبيد ، نا سفيان ـ يعني الثوري ـ قال : قال أبو الدّرداء :
كفى بك آثما أن لا تزال عاربا (١) ، وكفى بك ظالما أن لا تزال مخاصما ، وكفى كاذبا أن لا تزال محدثا في غير ذات الله.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا أبو محمّد الجوهري (٢) ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك (٣) ، أنا أيضا ـ يعني سعيد بن عبد العزيز ـ عن إسماعيل بن عبيد الله أن أبا الدّرداء قال :
إنا نقوم فيكم بكلمات الله وروحه ، ثم نرجع إلى بيوتنا فرجع إلى ضرائبنا (٤) وما كتب الله علينا ، إن الرجل ليقوم فيكم بمائة كلمة كلّها حكم ، ثم يقول الكلمة لعله يخطئ بها ، أو يلقيها الشيطان على لسانه ، يظل الرجل منكم متعلقا بها ، فذاك المخسوس (٥).
قال (٦) : وأنا ابن المبارك (٧) ، أنا أبو معشر المدني ، عن محمّد بن قيس قال :
جاء رجل إلى أبي الدّرداء وهو في الموت فقال : يا أبا الدّرداء عظني (٨) بشيء لعل الله أن ينفعني به ، وأذكرك به ، قال : إنّك في أمة مرحومة ، أقم الصلاة المكتوبة ، وآت الزكاة المفروضة ، وصم رمضان ، واجتنب الكبائر ـ أو قال المعاصي ـ وأبشر ، فكأنّ الرجل لم يرض بما قال حتى رجع الكلمات عليه مرات (٩) ، فغضب السائل ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(١٠) ثم خرج.
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.
(٢) الأصل : الجوري ، تصحيف.
(٣) رواه ابن المبارك في كتاب الزهد والرقائق ص ٤٩١ رقم ١٣٩٨.
(٤) ضرائبنا جمع ضريبة ، وهي ما يؤدي العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه.
(٥) الأصل : المحسوس ، بالحاء المهملة ، والمثبت عن الزهد والرقائق. والمخسوس من الأشياء التافه المرذول.
(٦) القائل : الحسين بن الحسن.
(٧) رواه ابن المبارك في كتاب الزهد والرقائق ص ٥٥٤ رقم ١٥٩٠.
(٨) بالأصل : أعظني ، والمثبت عن الزهد لابن المبارك.
(٩) في كتاب الزهد : ثلاث مرات.
(١٠) سورة البقرة ، الآية : ١٥٩.