فقال أبو الدّرداء : أجلسوني ، فأجلسوه ، فقال : ردّوا عليّ الرجل ، فقال : ويحك ، كيف بك لو حفر لك أربع [أذرع](١) من الأرض ، ثم غرقت في ذلك الخرق (٢) الذي رأيته ، ثم جاء ملكان أسودان أزرقان ، منكر ونكير يعتبانك ويسألانك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن ثبتّ فنعم ما أنت فيه ، وإن كان غير ذلك فقد هلكت ، ثم قمت على الأرض ليس لك إلّا موضع قدميك وليس ثمّ ظل إلّا العرش ، فإن ظلّلت فنعم ما أنت [فيه] وإن أضحيت (٣) فقد هلكت ، ثم عرضت جهنم والذي نفسي بيده إنّها لتملأ ما بين الخافقين وإنّ الجسر لعليها ، وإن الجنة من ورائها ، فإن نجوت منها فنعم ما أنت فيه ، وإن وقعت فيها فقد هلكت ، ثم حلف له بالله الذي لا إله إلّا هو إن هذا لهو الحق المبين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى الموصلي ، نا العباس بن الوليد القرشي ، نا يزيد بن زريع ، عن سعيد (٤) ، عن قتادة قال :
ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول : ربّ شاكر نعمة غيره ومنعم عليه لا يدري ، ويا ربّ حامل فقه غير فقيه.
أخبرنا أبو ثابت بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية (٥) ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا إسماعيل بن إبراهيم ، نا أيوب ، عن أبي قلابة قال :
قال أبو الدّرداء : من فقه الرجل ممشاه ، ومدخله ، ومجلسه.
ثم قال أبو الدّرداء : قاتل الله الشاعر حين قال :
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو الخير محمّد بن أحمد بن محمّد ، وأبو مسعود سليمان بن أيوب الحافظ ، قالا : أنا عثمان بن أحمد البرجي ، أنا محمّد بن عمر بن
__________________
(١) الزيادة عن الزهد لابن المبارك.
(٢) في كتاب الزهد : الجرف.
(٣) الأصل : «أصحبت» والمثبت عن الزهد لابن المبارك. وقوله : أضحيت أي برزت للشمس.
(٤) هو سعيد بن أبي عروبة ، ومن طريقه الخبر في تهذيب الكمال ١٤ / ٤٦٧.
(٥) من طريقه الخبر في كتاب الزهد والرقائق لابن المبارك ص ٣٥١ رقم ٩٨٨.