واستعمل الصليبيون المشاة كنبالة وقاذفي منجنيق ورماة رماح. وكان هؤلاء يتقدمون الفرسان ويحجبونهم ، وبعد امتصاص صدمة اندفاع العدو الأولى ، يفتحون تشكيلاتهم لانطلاق الفرسان عندما يستدير العدو. ثم يعود المشاة ويغلقون على الفرسان المدرعين. ويعتقد أن الصليبيين هم الذين طوروا هذا التكتيك. وعدد من الهزائم التي لحقت بالصليبيين كان سببها عزل الفرسان عن المشاة (كما حدث في حطين). ولم يكن للفرنجة في الشرق أسطول خاص ، إذ اعتمدوا كلية على أساطيل المدن التجارية ، وخصوصا الإيطالية ، ومن خلال اتفاقات تجري بين الطرفين. وقد تقلصت أهمية الأسطول والبحرية بالنسبة إلى مملكة أورشليم بعد أن أهمل الأيوبيون ، ومن بعدهم المماليك ، البحرية ، وعندها سيطرت أساطيل إيطاليا على البحر الأبيض المتوسط. وأقام الفرنجة دورا للصناعة (مسافن) في عكا وصور. وفي القرن الثالث عشر ، صارت مملكة أورشليم تعتمد أساسا على كتائب الفرسان التي يجيء بها ملوك أوروبا إلى الشرق ، ويتركونها بعد عودتهم لفترة معينة في خدمة المملكة ، أو التنظيمات العسكرية ، أو حتى الأديرة والكنائس.
وإزاء حالة الحرب المستمرة ، وللتعويض عن النقص في الطاقة البشرية ، عمد الصليبيون إلى إقامة شبكة من التحصينات ، لم تشهد مثلها فلسطين ، لا من قبل ولا من بعد. وقد أقيمت هذه التحصينات في النقاط الاستراتيجية ، على الحدود ، كما على مفارق الطرق ومعابر الأنهار ، وفي محيط المدن الرئيسية ، في الداخل ، كما على الساحل. وبحسب ظروف الزمان والمكان ، أقيمت تحصينات من ثلاثة أنماط : ١) حصون صغيرة ، جدارها الخارجي هو سورها ، وفي زواياها أبراج مطلة ، وهي على العموم شبيهة بالحصون البيزنطية ؛ ٢) قلاع كبيرة ، قد تصل إلى حد استيعاب حامية عسكرية كاملة ، وهي مجهزة للصمود في الحصار ، ولها بالعادة سوران ، يسيطر الداخلي منهما على الخارجي ، وعلى الأسوار شبكة من الأبراج تسيطر على محيط القلعة ، وتمكن من الدفاع عنها بصورة جيدة ؛ ٣) مدن قديمة ، أعيد ترميم أسوارها ، وأقيمت فيها قلاع مسورة بصورة منفصلة ، بحيث تكون قادرة على الصمود كوحدة دفاعية مستقلة ، حتى بعد سقوط المدينة ، وفي المدن الساحلية جرت العادة على تحصين الميناء.
وكان الخط الخارجي للتحصينات موجها إلى الشرق ، لصد هجمات المسلمين ، والحؤول دون انتظامهم للقتال على حدود المملكة ، أو داخلها. وهذا الخط يبدأ في بانياس (الصبيبة) ، على سفوح جبل الشيخ ، وهي تسيطر على الطريق إلى دمشق ، وينتهي في جزيرة فرعون بخليج العقبة. وهو يمر بقصر