(باب علمت) فإنك لا تحذفهما (١) نسيا منسيا. فلا تقول (٢) : (علمت وظننت) لعدم الفائدة إذ من المعلوم أن الإنسان لا يخلو من علم وظن (٣).
وأما مع قيام القرينة فلا بأس بحذفهما ، نحو : (من يسمع يخل (٤) أي : يخل مسموعه صادقا.
(ومنها) أي : ومن خصائص أفعال القلوب (جواز الإلغاء) أي إبطال عملها (إذا توسطت) بين مفعوليها نحو : (زيد ظننت قائم).
(أو تأخرت) عنهما نحو : (زيد قائم ظننت).
وإنما يجوز الإلغاء على التقديرين (لاستقلال الجزأين (٥) الصالحين (٦) ؛ لأن يكونا
__________________
(١) فقائل : أظن وأعلم بدون قرينة دالة على تجدد ظن أو علم بمنزلة قائل : النار حارة. (ك).
(٢) قوله : (فلا تقول علمت وظننت ... إلخ) فيه بحث إذ لا يلزم من عدم إفادة بعض المواد فائدة عدم الفائدة في جميع المواد كيف وقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)[الزمر : ٩] ، من أمثلة حذف المفعولين معا نسيا منسيا عند أهل المعاني يدلك تتبع كتبهم بل كفاك النظر في أحوال متعلقات الفعل من التلخيص فالتحقيق أن المفعولين من هذه البابين قد يحذفان معا إما بطريق تنزيل المتعدي منزلة اللازم نحو : فلان يعطي أي : يفعل الإعطاء وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ)[الزمر : ٩] الآية أو بطريق التقدير عند القرينة. (فاضل أمير).
(٣) أصله يخال فلما أنجزهم لوقوعه جزاء من يسمع اجتمع الساكنين الألف المقلوبة من الياء واللام فحذف الألف فبقي يخل مجزوما والمعنى ما يسمع شيئا يخل المسموع صحيحا أي : بحسب والحسبان منه أيضا من أفعال القلوب.
(٤) قال الأصمعي : من أمثالهم في ذم مخالطة الناس واستحباب الاجتناب عنهم قولهم من يسمع يخل يقول من يسمع من أخبار الناس ومن معايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه ومعناه أن مجانبة الناس أسلم كذا في أمثال أبي عبيدة. (ك).
(٥) قوله : (لاستقلال الجزأين) بخلاف باب أعطيت ؛ لأن مفعولية ليسا بمستقلين لعدم صحة الحمل فلا يجوز الإلغاء وإذا توسطت أو تأخرت. (سيالكوني).
(٦) قوله : (الصالحين) إنما قال ذلك إشارة إلى علة استقلال الجزأين كلاما تاما وإنما قيد بالتام ليصلح علة لجواز الإلغاء. (وجيه).
ـ قوله : (الصالحين) في الإفادة قيد بذلك احترازا عن صورة التطبيق فإن الجزأين وإن كانا مستقلين لكونهما ليسا صالحين ؛ لأن يكونا مفعولين لوجود المانع. (حكيم).