منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو عمرو بن الكوّا اليشكري الكوفي سأل علي بن أبي طالب ، ذكره عامر بن واثلة في بعض أخباره.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة (١) ، وأبي عثمان قالا (٢) : لما قدم مسيّرة أهل الكوفة على معاوية أنزلهم دارا ، ثم خلا بهم ، فقال لهم ، وقالوا له ، فلما فرغوا قال : لم تؤتوا إلّا من الحمق (٣) ، والله ما أرى منطقا سديدا ، ولا عذرا مبينا ، ولا حلما ، ولا قوة ، وإنّك يا صعصعة لأحمقهم ، اصنعوا وقولوا ما شئتم ، ما لم تدعوا شيئا من أمر الله تعالى ، فإنّ كل شيء يحتمل لكم إلّا معصية الله تعالى ، أما فيما بيننا وبينكم فأنتم أمراء أنفسكم ، فرآهم بعد وهم يشهدون الصّلاة ، ويعصون (٤) مع قاضي الجماعة ، فدخل عليهم يوما وبعضهم يقرئ بعضا فقال : إنّ في هذا لخلفا مما قدمتم به عليّ من النزاع إلى أمر الجاهلية ، اذهبوا حيث شئتم ، واعلموا أنكم إن لزمتم جماعتكم سعدتم بذلك دونهم ، وإن لم تلزموها شقيتم بذلك دونهم ، ولم تضرّوا أحدا ، فجزوه خيرا ، وأثنوا عليه ، فقال : يا ابن الكوّا أي رجل أنا؟ قال : بعيد الثرى ، كثير المرعى ، طيب البديهة ، بعيد الغور ، الغالب عليك الحلم ، ركن من أركان الإسلام ، سدّت (٥) بك فرجة مخوفة ، قال : فأخبرني عن أهل الإحداث من أهل الأمصار ، فإنك من أفضل (٦) أصحابك ، فقال : كاتبوني وكاتبتهم ، فأنكروني وعرفتهم ، فأما أهل الإحداث من أهل المدينة فهم أحرص الأمة على الشرّ ، وأعجزه عنه ، وأما أهل الإحداث من أهل الكوفة فإنهم أنظر الناس في صغير ، وأركبه لكبير ، وأما أهل الإحداث من أهل البصرة فإنهم يردّون جميعا ويصدرون شتّى ، وأما أهل الإحداث من أهل مصر فهم أوفى الناس بشرّ ، وأسرعه ندامة ، وأما أهل الإحداث من أهل الشام فأطوع الناس لمرشدهم ، وأعصاه لمغويهم.
__________________
(١) مهملة بالأصل بدون نقط ، وفي م : «جارية» والمثبت عن الطبري.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري (ط بيروت) ٢ / ٦٤٠ حوادث سنة ٣٣.
(٣) عن م والطبري ، وبالأصل : الحق.
(٤) كذا رسمها بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «ويقضون» وفي الطبري : ويقفون مع قاصّ الجماعة.
(٥) في الطبري : صدت.
(٦) الطبري : أعقل.