أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم ، أنا ثابت بن بندار بن أسد ، نا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الأستراباذي (١) ، نا عبد الملك بن محمّد بن نعيم ، نا صالح بن علي النوفلي ، نا عبد الله بن محمّد بن ربيعة القدامي ، نا عمر بن المغيرة ، عن عطاء بن عجلان ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال (٢) :
أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي صاحب النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له الطاغية : تنصّر وإلّا ألقيتك في النقرة (٣) من نحاس ، قال : ما أفعل ، فدعا بالنقرة النحاس ، فملئت زيتا وغليت ، ودعا برجل من أسارى المسلمين فعرض عليه النصرانية فأبى ، فألقاه في النقرة ، فإذا عظامه تلوح ، وقال لعبد الله : تنصّر وإلّا ألقيتك ، قال : ما أفعل ، فأمر به أن يلقى في النقرة فكتّفوه ، فبكى ، فقالوا : قد جزع ، قد بكى ، قال : ردوه ، قال له : لا ترى إني بكيت جزعا ممّا تريد أن تصنع بي ، ولكني بكيت حين لي إلّا نفس واحدة يفعل بها هذا في الله ، كنت أحبّ أن تكون لي من الأنفس عدد كل شعرة فيّ ، ثم تسلّط عليّ فتفعل بي هذا ، قال : فأعجب منه ، وأحبّ أن يطلقه ، فقال : قبّل رأسي وأطلقك ، قال : ما أفعل ، قال : تنصّر وأزوجك ابنتي وأقاسمك ملكي ، قال : ما أفعل ، قال : قبّل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين من المسلمين ، قال : أما هذه فنعم ، قال : فقبّل رأسه ، وأطلق معه ثمانين من المسلمين ، فلما قدموا على عمر بن الخطّاب قام إليه عمر فقبّل رأسه ، قال : فكان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمازحون عبد الله فيقولون : قبّلت رأس علج ، فيقول لهم : أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد.
ح وأخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، قالا : أنا محمّد بن عوف ، أنا محمّد بن موسى بن الحسين الحافظ ، أنا محمّد بن خريم ، نا هشام بن عمّار ، نا يزيد بن سمرة ، نا سليمان بن حبيب أنه سمع الزهري قال :
ما اختبر من رجل من المسلمين ما اختبر من عبد الله بن حذافة السّهمي ، وكان قد
__________________
(١) ضبطت بفتح الهمزة وسكون السين عن معجم البلدان (أسترآباذ).
(٢) قارن مع أسد الغابة ٣ / ١٠٨.
(٣) في أسد الغابة : «البقرة» وهما بمعنى.