القبور ، إن جئت بشيء كان لك شيء ، وإلا فلا شيء لك ، يا معاوية لا تحسب أن الخلافة جمع المال وتفريقه ، إنما الخلافة القول بالحق ، والعمل بالمعدلة ، وأخذ الناس في ذات الله ، يا معاوية إنا لا نبالي بكدر الأنهار ما صفا لنا رأس عيننا ، يا معاوية وإياك أن تميل على قبيلة من العرب فيذهب حيفك بعدلك ، قال : ثم جلس ، فقال له معاوية : يرحمك الله يا أبا مسلم ، يرحمك الله يا أبا مسلم (١).
كتب إليّ أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٢) ، نا أبو حامد بن جبلة ، نا محمّد بن إسحاق ، نا محمّد بن الصباح ، أنا علي بن ثابت ، عن جعفر بن برقان ، عن أبي عبد الله الحرسي ، وكان من حرس عمر بن عبد العزيز قال : دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقال الناس : الأمير يا أبا مسلم ، ثم قال : السلام عليك أيها الأجير ، فقال الناس : الأمير ، فقال معاوية : دعوا أبا مسلم فهو أعلم بما يقول ، قال أبو مسلم : إنما مثلك مثل رجل استأجر أجيرا فولاه ماشيته ، وجعل له الأجر على أن يحسن الرعية ، ويوفر جزازها وألبانها ، فإن هو أحسن رعيتها ووفر جزازها حتى تلحق (٣) الصغيرة وتسمن العجفاء أعطاه أجره وزاده من قبله زيادة ، وإن هو لم يحسن رعيتها وأضاعها حتى تهلك العجفاء وتعجف السمينة ، ولم يوفر جزازها وألبانها غضب عليه صاحب الأجر فعاقبه ، ولم يعطه الأجر ، فقال معاوية : ما شاء الله (٤).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، قال : أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد ، أنا أبو الحسن محمّد بن عوف المزني ، أنا أبو العبّاس محمّد بن موسى بن الحسين بن السمسار ، أنا أبو بكر بن خريم ، نا أبو أحمد حميد بن زنجويه ، نا الحكم بن نافع ، نا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس قال : دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان ، فقام فيما بين السماطين ، فقال : السّلام عليك أيها الأجير ، فقيل له : مه ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقال معاوية : دعوا أبا مسلم فإنه أعرف بما يريد ، فتقدم أبو مسلم ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقال
__________________
(١) الخبر في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٢٩٧ ومختصرا في سير أعلام النبلاء ٢ / ١٣.
(٢) الخبر في حلية الأولياء ٢ / ١٢٥ وباختصار في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٢٩٧.
(٣) بالأصل : «يلحق .. يهلك» والمثبت عن الحلية.
(٤) في حلية الأولياء : ما شاء الله كان.