بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قالا : نا أبو العباس (١) محمّد بن يعقوب ، نا محمّد بن إسحاق ، نا إسحاق بن إبراهيم الرازي ختن سلمة بن الفضل الأنصاري ، نا سلمة ، حدّثني محمّد بن إسحاق ، عن عبد الرّحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة ، عن عبد الله بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، وعن يحيى بن عروة ، عن أبيه.
قال : شرب عبد بن الأزور ، وضرار بن الخطاب ، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو بالشام فأتى بهم أبو عبيدة بن الجرّاح ، قال أبو جندل : والله ما شربتها إلّا على تأويل ، إنّي سمعت الله يقول : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(٢) ، فكتب أبو عبيدة إلى عمر يأمرهم ، فقال عبد بن الأزور : إنه قد حضرنا لنا عدوّنا ، فإن رأيت أن تؤخّرنا (٣) إلى أن نلقى عدوّنا غدا. فإن الله أكرمنا بالشهادة كفاك ذاك ولم يقمنا على خزاية ، وإن نرجع نظرت إلى ما أمرك به صاحبك فأمضيته ، قال أبو عبيدة : فنعم ، فلما التقى الناس قتل عبد بن الأزور شهيدا فرجع الكتاب ـ كتاب عمر ـ إن ـ الذي أوقع أبا جندل في الخطية قد تهيأ له فيها بالحجة ، فإذا أتاك كتابي هذا فأقم عليهم حدّهم والسلام.
فدعا بهما أبو عبيدة فحدّهما ، وأبو جندل له شرف ولأبيه ، فكان يحدث نفسه حتى قيل إنّه قد وسوس ، فكتب أبو عبيدة إلى عمر : أمّا بعد فإني قد ضربت أبا جندل حدّه ، وأنه قد حدّث نفسه حتى قد خشينا عليه أنه قد هلك ، فكتب عمر إلى أبي جندل : أمّا بعد ، فإن الذي أوقعك في الخطية قد خزن عليك التوبة : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ ، شَدِيدِ الْعِقابِ ، ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)(٤) فلما قرأ كتاب عمر ذهب عنه ما كان به ، كأنما أنشط من عقال.
أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنا أبو منصور النّهاوندي ، أنا أبو العبّاس النّهاوندي ، أنا أبو القاسم بن الأشقر ، أنا أبو عبد الله البخاري ، نا سليمان بن حرب ، نا
__________________
(١) في المطبوعة : «نا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ولعل الصواب : نا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب» قياسا إلى أسانيد مستقاة من دلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٦١ و ٤ / ٥٢ و ٤ / ٣١٠ و ٣٣١.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٩٣.
(٣) بالأصل وم : «تواخرنا» والمثبت عن المطبوعة.
(٤) سورة غافر ، الآيات : ١ ـ ٣.