أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (١) ، قال : قالوا : أقبل أبو جندل بن سهيل ، قد أفلت يرسف في القيد ، متوشّح السّيف خلاله أسفل مكة ، فخرج من أسفلها حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يكاتب سهيلا ، فرفع سهيل رأسه فإذا بابنه أبي جندل ، فقام إليه سهيل يضرب وجهه بغصن شوك ، وأخذ بلبّته وصاح أبو جندل بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأردّ إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فزاد المسلمين ذلك شرا إلى ما بهم ، وجعلوا يبكون لكلام أبي جندل ، قال : يقول حويطب بن عبد العزّي لمكرز بن حفص : ما رأيت قوما قط أشدّ حبّا لمن دخل معهم من أصحاب محمّد لمحمّد ، وبعضهم لبعض ، أما إني أقول لك لا تأخذ من محمّد نصفا أبدا بعد هذا اليوم ، حتى تدخلها (٢) عنوة ، فقال مكرز : وأنا أرى ذلك ، قال سهيل : هذا أوّل من قاصيتك عليه ، ردّه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّا لم نقض الكتاب بعد ، فقال سهيل : والله لا أكاتبك على شيء حتى ترده إليّ ، فرده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سهيلا أن يتركه ، فأبى سهيل ، فقال مكرز بن حفص وحويطب : يا محمّد [نحن](٣) بخيره لك ، فأدخلاه فسطاطا فأجاراه ، وكف أبوه عنه ، ثم رفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صوته فقال : «يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإنّ الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا ، إنّا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا ، وأعطيناهم وأعطونا على ذلك عهدا ، وإنّا لا نغدر» [٥٤١٨].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن أبي عثمان وأبي حارثة (٤) عن خالد وعبادة ، قالا : فولي أبو عبيدة النفل من الأخماس ، وبعث أبا جندل بشيرا لفتح اليرموك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي ، أنا محمّد بن يوسف بن بشر ، أنا محمّد بن حمّاد ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا جعفر بن سليمان ، عن داود بن أبي هند ، قال : نزلت (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا
__________________
(١) الخبر في مغازي الواقدي ٢ / ٦٠٧ وما بعدها.
(٢) كذا بالأصل والمطبوعة ، وفي م ومغازي الواقدي : يدخلها.
(٣) الزيادة عن م والواقدي.
(٤) في م : جارية.