الحمى ففضخته فضخا ، وطبخته طبخا ، ورضخته رضخا ، فتركته فرخا. قال أبو الأسود : فما فعلت امرأته التي كانت تزاره وتمارّه وتشارّه وتضارّه؟ فقال : طلّقها ، وتزوج غيرها ، فحظيت عنده وبطيت ورضيت. قال أبو الأسود : فما معنى بطيت؟ قال : حرف من اللغة لم ندر من أي بيض خرج ولا في أي عش درج ، قال يا بن أخ ، لا خير لك فيما لم أدر.
وروي عن عبد الله بن بريدة قال : قيل لأبي الأسود الدّيلي : أتعرف فلانا؟ قال : لا ، قال : فإنه ينازع في أطماعكم ويتثاقل في حوائجكم ، ولكن عرفوا فلانا ، فإنه الأهيس الأليس الملك المحلس إن أعطى النهروان نيل أزر الأهيس الذي يدق كل شيء ، قال الراجز :
إحدى لياليا فهيسي هيسي
والأليس : الشجاع الذي لا يبرح.
قرأت بخط محمّد بن عمران المرزباني ، حدّثني عبد الله بن محمّد بن أبي سعد البزار ، حدّثني محمّد بن القاسم بن خلّاد ، قال : سمعت الأصمعي يقول : أبو الأسود الدّولي ، الدّال : دابة صغيرة دون الثعلب وفوق ابن عرس ، وأنشد لكعب بن مالك رضياللهعنه :
جاءوا بقيس لو قيس معرسة |
|
ما كان إلّا كمعرس الدال |
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ـ قراءة عليهما ـ قالا : أنبأ رشأ بن نظيف المقرئ ، أنبأ أبو مسلّم محمّد بن أحمد بن علي البغدادي ، قال : قرأ عليّ أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري ، حدّثني بعض أصحابنا ، قال : قال أبو عبد الله محمّد بن يحيى القطعي ، حدّثني محمّد بن عيسى بن يزيد ، حدّثني أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، حدّثني عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال :
قدم أعرابي في زمان عمر فقال : من يقرئني مما أنزل الله على محمّد؟ قال : فأقرأه رجل : «براءة» ، فقال : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)(١) بالجر فقال الأعرابي : أوقد برئ الله من رسوله ، إن يكن الله برئ من رسوله ، فأنا أبرأ منه ، فبلغ عمر مقالة
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٣.