منه (١) دخلت عليه ، فقلت : يا محمّد إن قومك قالوا ليّ (٢) كذا وكذا ، فو الله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذنيّ بكرسف لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلّا أن يسمعنيه ، فسمعت قولا حسنا ، فاعرض عليّ أمرك ، قال : فعرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّ الإسلام ، وتلا عليّ القرآن ، فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ، ولا أمرا أعدل منه ، فأسلمت ، وشهدت شهادة الحق ، وقلت : يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي ، وإنّي راجع إليهم ، فداعيهم إلى الإسلام ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه ، فقال : «اللهم اجعل له آية».
قال : فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية يقال لها كذا وكذا تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح قال : قلت : اللهم في غير وجهي إنّني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم ، قال : فتحوّل ، فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلّق ، وأنا انهبط إليهم من الثنية حتى جئتهم وأصبحت فيهم ، فلما نزلت أتاني آت وكان شيخا كبيرا ، فقلت : إليك عنّي يا أبة ، فلست منك ، ولست مني ، قال : لم يا بني؟ قلت : أسلمت وتابعت دين محمّد ، قال : يا بني فديني دينك ، قال : قلت : فاذهب يا أبة فاغتسل وطهّر ثيابك ثم تعال حتى أعلّمك ما علّمت ، قال : فذهب فاغتسل وطهّر ثيابه ، ثم جاء ، فعرضت عليه الإسلام ، فأسلم ، ثم اتتني صاحبتي ، فقلت لها : إليك عنّي فلست منك ولست مني ، قالت : لم بأبي أنت وأمّي؟ قلت : فرّق الإسلام بيني وبينك ، أسلمت وتابعت دين محمّد صلىاللهعليهوسلم ، قالت : فديني دينك ، قال : فقلت : فاذهبي إلى حيوة (٣) ذي الشرى فتطهري منه ، وكان ذو الشرى صنما لدوس وكان الحي حمى حوله وبه وشل من ما يهبط من جبل إليه ، قالت : بأبي وأمي أتخشى عليّ الصّبية من ذي الشرى شيئا؟ قال : قلت : لا ، أنا ضامن لك ، قال : فذهبت واغتسلت ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام ، فأسلمت ، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فابطئوا علي ، فجئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله إنّه قد غلبني على دوس الزّنا (٤) فادع الله عليهم ، فقال : «اللهمّ اهد دوسا» ، ثم قال : «ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله ، وارفق بهم» ،
__________________
(١) في الدلائل : حتى إذا دخل بيته دخلت عليه.
(٢) بالأصل : إليّ.
(٣) كذا ، وفي البيهقي : «الحنى».
(٤) مهملة بالأصل بدون نقط ، والمثبت عن البيهقي.