السفر ، ثم لأنه الطريق الذي تكوّن على امتداد القرون والذي تقع عليه ، فيما تقع ، مدينة مزار شريف حيث مقام الإمام علي (صهر النبي محمد) الذي يملك ، كما يقول المسلمون ، قوة عجيبة لشفاء العميان والخرس. ومن مزاري شريف يمضي الحجاج عبر طش كورغان ، وغي باغ ، وشاريقار ، وكابول ، وغزني ، وقندهار وكته ، ثم بالسكة الحديدية إلى مرفأ كاراتشي ومنه بالباخرة إلى بومباي ؛ ويمضي الآخرون عبر جلال آباد إلى بيشاوار ، ومنها بالسكة الحديدية إلى بومباي.
وأخيرا الطريق الثالث ، وهو الأسهل والأقصر ، ينطلق من مرافىء البحر الأسود إلى القسطنطينية والسويس ، ويستفيد منه جميع التتر وسنّيو القفقاس والقرغيز القاطنون في غرب المنطقة من رعايا الامبراطورية الروسية ؛ وجميعهم يقدمون كل سنة بين الفين وثلاثة آلاف حاج ؛ وبينهم يتواجد في الوقت الخالي من الاوبئة ، نظرا للمراقبة الشديدة هنا ، عدد من حملة جوازات السفر ؛ أما في السنوات غير الملائمة (حين تمنع الحكومة الحج) ، فإنه يتبين أن الأغلبية الساحقة منهم مزودة بأوراق تركية وفارسية وبخارية قديمة يحصلون عليها لقاء ثمن باهظ في باطوم واوديسا» (١).
ولتبيان ما كان يتوقع الحجاج في طرقهم إلى مكة ، نورد في «ملاحق» هذا الكتاب ملاحظات سفر لحجاج قاموا برحلاتهم في مسيرات مختلفة.
تشير جميع مصادرنا إلى أن الحجاج من رعايا روسيا كانوا يفضلون ، كما من قبل ، استعمال جوازات السفر التركية والفارسية والبخارية القديمة ، وحتى جوازات السفر الصينية. ومرد ذلك إلى التعقيدات البيروقراطية التي كانت ترافق الحصول على جوازات السفر في روسيا ، وإلى المنع الدوري (مثلا ، في سنوات ١٨٩٢ ـ ١٨٩٥ ،
__________________
(١) ياروف ـ رافسكي. الحج ، ١٦ ـ ١٧ ، ١٨ ـ ١٩.