التعقيم الزاما ببعض الخسارة لأصحاب الأشياء إذ يبهت لونها وتحترق غلافاتها ، الخ .. والعزلة نفسها ، القاسية جدّا بالنسبة للحجاج ، قلّما يتقيد بها الخدم. وكل هذا معا يقنع الحجاج بأن هدف الحجر الصحي ليس البتة المقتضيات الصحية ، بل مجرد التسبب لهم بالخسائر وتصعيب وصولهم إلى الحجاز.
ويستفاد من المعلومات الرسمية أن ٢١ سفينة مرت في هذه السنة عبر المحجر الصحي في الطور ، منها ١٩ باخرة ومركبان شراعيان ، وأنها نقلت بالاجمال ١٦٩٥٢ حاجا. وبلغ عدد الذين ماتوا في الطور ١٩٥ شخصا وفي أبو زليم ٨ أشخاص.
وفي السنة الجارية اعتمدت الحكومة المصرية أكثر من ٣٠٠٠٠ ليرة (حوالي ٣٠٠٠٠٠ روبل) لبناء تخشيبات خاصة في الطور. ولا ريب في أن الظروف لأجل المحجورين في المحجر الصحي ستتحسن كثيرا بعد بناء هذه التخشيبات.
بعد انتهاء الحجر الصحي في الطور تبقى البواخر التي تستقبل الحجاج من سكان مصر وغيرها من اقطار افريقيا الشمالية لأجل الفحص في جوار أبو زليم ؛ أما البواخر التي تحمل حجاجا من بلدان أبعد إلى الشمال ، فإنها تتجه للهدف ذاته إلى بيروت التي كان يتعين علينا أن نمضي إليها.
ومما له دلالته أن نسبة الوفيات بين ركاب الباخرة كان أكبر نسبة أثناء الانتقال من الطور إلى بيروت ، وأنهم كانوا في هذه الأيام الأربعة من السفر يرمون يوميا في البحر جثث ثلاثة أو أربعة أشخاص. ومرد ذلك ، أغلب الظن ، إلى الحرمانات السابقة ، والضنك الأقصى ، وكتمة الهواء التي لا تطاق والضيق في الباخرة ، ولربما أيضا إلى التموج القوي جدّا الذي رافق هذه المرحلة.