وبين الأرض مثل أمة العزيز ، فغار موسى من ذلك غيرة شديدة وحلف ليقتلن الربيع ، فلما استخلف دعا الربيع في بعض الأيام فتغدى معه وأكرمه ، وناوله كأسا (١) فيها شراب عسل قال : فقال الربيع ، فعلمت أن نفسي فيها وأني إن رددت يده ضرب عنقي ، مع ما قد علمت أن في قلبه عليّ من دخولي على أمّه وما بلغه عني ولم يسمع عذرا فشربتها. وانصرف الربيع إلى منزله ، فجمع ولده وقال لهم : إني ميت في يومي هذا أو من غد ، فقال له ابنه الفضل : ولم تقول هذا؟ جعلت فداك ، قال : إن موسى سقاني شربة سمّ. فأنا أجد عملها في بدني ، ثم أوصى بما أراد ، ومات في يومه أو من غده. ثم تزوج الرشيد أمة العزيز بعد موت الهادي ، فأولدها علي بن الرشيد.
قال الطبري (٢) : وذكر يحيى بن الحسين (٣) بن عبد الخالق ، خال الفضل بن الربيع ، أن أباه حدّثه أن موسى حدّثه قال : أريد قتل الربيع ، فلا أدري كيف أفعل به ، فقال له سعيد بن سلم : تأمر (٤) رجلا باتخاذ سكين مسموم ، وتأمره بقتله ، ثم تأمر بقتل (٥) ذلك الرجل. قال : هذا الرأي ، فأمر رجلا فجلس له في الطريق ، وأمره بذلك ، فخرج بعض خلفاء الربيع ، فقال له : إنه (٦) قد أمر فيك كذا وكذا ، فخذ في غير ذلك الطريق فدخل منزله فتمارض فمرض بعد ذلك ثمانية أيام فمات موت نفسه ، وكانت وفاته في سنة تسع وستين ومائة ، وهو الربيع بن يونس ، وذكر غيره أنه توفي في أول سنة سبعين ومائة.
قال لنا أبو الحسن بن سعيد ، وأبو النجم بدر بن عبد الله ، قال لنا أبو بكر الخطيب (٧) : الربيع بن يونس وزر للمنصور وللهادي ولم يوزر (٨) للمهدي ، وإنه مات في أول سنة سبعين ومائة.
__________________
(١) بالأصل : «كسا» والمثبت عن الطبري.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٢٢٨.
(٣) الطبري : الحسن.
(٤) الأصل : «سعيد بن سالم ، ناصر» والمثبت عن الطبري.
(٥) بالأصل : «ثم صل ذلك الرجل» وصححت العبارة عن الطبري.
(٦) عن الطبري ، وبالأصل : إن.
(٧) تاريخ بغداد ٨ / ٤١٤.
(٨) بالأصل : «يرو» والمثبت عن الطبري.