فقد قالوا :
عباية ، وشقاوة ، ونهاية ، فلم يقلبوا الواو ، والياء همزتين ، كما قلبوهما في :
كساء ، ورداء ، فإنهم قد صاغوا حرف التأنيث كأنها من الكلمة ، وأنها ليست في تقدير
الانفصال على هذا التقدير. فجرت التاء فيها مجراها في : (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) فافهمه.
[الثالث] : أن
تكون الهمزة بدلا من حرف زائد للإلحاق. وذلك ، قولهم : علباء. أصله : علباي ، وأصل
علباي : علبا ، فألحقت بسرداح.
حيث زيدت
الياء. قال سيبويه : الياء التي أبدلت همزة في علباء ، قد ظهرت في قولهم :
درحاية ، لمكان الهاء ، كما ظهرت في عظاية ، وصلاية ، ونهاية ، وعباية.
[الرابع] : أن
تكون الهمزة ، بدلا من ألف التأنيث في : صحراء ، وحمراء ، وخنفساء. أصل الكلمة :
حمرا ، مثل : سكرى ، وحبلى ، وشورى ، وقصوى. الألف ألف التأنيث ، فزيدت ألف أخرى ،
لمد الصوت ، فاجتمعت ألفان ، إحداهما للتأنيث ، والأخرى لمد الصوت ، فتطرفت التي
للتأنيث ، وتقدمت [١٥ / ب] التي هي لمد الصوت ، لأن حرف التأنيث تقع آخر الكلمة ،
فأبدلت منها حيث اجتمعت مع الأخرى التي هي لمد الصوت همزة. فهذا النحو لا ينصرف :
كما لا ينصرف : حبلى وأخواتها. فهذا شأن الممدود. ثم ذكر بعد هذا ، حال المهموز ،
أنه يجري على آخره الإعراب. وإنما ذكرها ، لأن الهمزة ، حرف لا يثبت على وتيرة
واحدة. فأراك أن الهمزة ، وإن كانت كذلك ، فهي إذا وقعت حرف إعراب ، جرى عليها
الإعراب. ثم ذكر بعد ذلك : الياء ، الساكن ما قبلها آخر الاسم ، نحو : ظبي ، ونحي.
وقد قدمنا أن هذا النحو ، في حكم الصحيح ، وأن الإعراب جار عليه. وكذلك المدغم ،
نحو : كرسيّ ، وصبيّ ، فهما في حكم : ظبي ، ونحي. ألا ترى أن الياء الأولى المدغمة
في الثانية ، ساكنة ، بمنزلة الباء ، في ظبي ، والحاء في (نحي) ، فهو في حكم
الصحيح.
[قال أبو الفتح]
: واعلم أن في الأسماء الآحاد ، ستة أسماء ، تكون في الرفع بالواو ، وفي النصب
بالألف ، وفي الجر بالياء. [فإن قلت] : لم جعل إعراب هذه الأسماء بهذه الحروف؟!
وهلا جعلت بالحركات ، مثل : زيد ، وعمرو؟!.
[قلت] : إنهم
أرادوا لهذا المعنى توطئة ما أرادوه في التثنية ، والجمع. وذلك ، لأن التثنية ،
والجمع لم يمكن إعرابهما بالحركات ، لأن الحركات قد استوفتها الآحاد ، فلم يكن
هناك بد من مراجعة أصول الحركات ، على ما ستقف عليه ، إن شاء الله. فأرادوا أن
يكون للتثنية نظائر من الآحاد ، فخصوا هذه الأسماء ، من جملة سائر الأسماء ، لأن
هذه الأسماء مضمنة. ألا ترى أن الأب ،
__________________