وحبة ، وحب.
[الرابع] : أن يكون لفظ المفرد كلفظ الجمع ، سواءا ، وذلك قولهم : فلك ، للواحد. وفلك للجمع. قال الله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)(١) فهو مفرد. وقال في الجمع : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ)(٢) فقال : وجرين ، لأنه جمع. ففلك ، في الواحد ، مثل : قفل وفي الجمع ، مثل : أسد. ويقال : ناقة هجان (٣) ، ونوق هجان. فهجان ، في المفرد ، ككتاب. وهجان ، في الجمع ، كظراف ، وكأنهم شبهوا في المفرد بفعيل ، لمّا كان فيه الألف التي هي أخت الياء ، في فعيل ، فاستجازوا أن يقال : هجان ، وهجان ، كما قالوا : ظريف ، وظراف ، وكريم ، وكرام. [قال الشاعر] :
٥٠ ـ ... |
|
كما هزّ عطفي بالهجان الأوارك (٤) |
باب الأفعال
وهي على ثلاثة أضرب ، تنقسم بانقسام الزمان : ماض ، وحاضر ، ومستقبل.
اعلم أن هذه المسألة اختلف الناس فيها. فقال سيبويه (٥) ، وأصحابه ، وجميع النحويين ، والمتكلمين [٢٣ / أ] إن الأفعال ثلاثة. وقال قوم من الفلاسفة ، إن الأفعال قسمان : إما أن يكون موجودا ، وإما أن يكون معدوما. فالموجود في حيز الماضي ، والمعدوم في حيز المستقبل (٦). وليس بين هذين شيء ، فيسمى حالا. فقولكم حال إذن محال. وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد ، نقلا ، وعقلا ، وإجماعا. أما النقل ، فقوله تعالى : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ)(٧). فقسم الأزمنة ثلاثة أقسام. فما بين أيدينا : الماضي. وما خلفنا : المستقبل. وما بين ذلك : هو الحال.
فالحال صحيح. ولأن العرب قالت للماضي : قبل. وللمستقبل : بعد. وللحال : الآن. فلو لا أن الحال صحيحة ، وإلا لم يكن لقولها : الآن ، معنى ، ولأنا إذا قلنا : زيد يصلي ، فإنا لا نعني به صلاة ماضية ، ولا صلاة مستقبلة ، وإنما نعني به أنه يصلي في هذه الحالة ، وهو متلبس بهذه الصلاة.
فقولهم إذن محال ، والحال صحيحة ، إلا أنه دقّ فلم يفهموه ، فنقول : الأفعال ثلاثة : فعل
__________________
(١) ٢٦ : سورة الشعراء ١١٩.
(٢) ١٠ : سورة يونس ٢٢.
(٣) يقال : بعير هجان ، وناقة هجان ، وأينق هجان. والهجان من الإبل : البيضاء الخالصة اللون. اللسان (هجن) ١٣ : ٤٣١.
(٤) البيت من الطويل ، لتأبط شرا ، وصدره :
أهز به في ندوة الحي عطفه |
|
... |
وهو في : ديوانه ١١٥ ، وديوان الحماسة ١ : ٢٢ ، وأمالي القالي ٢ : ١٣٨ ، والعقد ٣ : ٢١ الهجان الأوارك : الإبل ترعى الأراك.
(٥) الكتاب ١ : ١٢ ، وفيه : (وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء ، وبنيت لما مضى ، ولما يكون ، ولم يقع ، وما هو كائن لم ينقطع).
(٦) التعريفات ـ للجرجاني ١٣٧ ، وفيه : (الموجود : هو مبدأ الآثار ، ومظهر الأحكام في الخارج. وحدد الحكماء الموجود ، بأنه الذي يمكن أن يخبر عنه. والمعدوم بنقيضه ، وهو ما لا يمكن أن يخبر عنه).
(٧) ١٩ : سورة مريم ٦٤.