٣٣٥ ـ وكحّل العينين بالعواور (١)
يريد : العواوير ، لأنه جمع : عوّار ، وهو وجع العين. ولا بد من تقدير هذه الياء ، بتة. ألا ترى : أن الياء ، لو لم يقدر إثباتها ، لكان يجب أن تقول : العوائر. لأن الواو والياء إذا وقعتا طرفين ، أو مجاورين للطرف وجب قلبهما همزة ، إذا كانتا زائدتين ، نحو : أوائل وقبائل وصحائف. فلما لم يقل : عوائر ، ثبت أنه في تقدير : عواوير ، فحذف الياء ، وهو يريدها ، نحو : طواويس.
فأما (معيشة) و (معايش) فإنه بالياء البتة. لأن الياء ، هناك ، وإن جاوز الطرف ، فهو عين الفعل ، وليس زائدة. لأن (معيشة) وزنها (مفعلة) من : عاش ، يعيش. وأصله : معيشة ، إلا أنهم نقلوا كسرة الياء إلى العين ، فقالوا : معيشة ، فيجمع : معائش ، ولا يقلب الياء همزة ، فرقا بين الأصلي والزائد ، في : قبائل ، وصحائف.
ورواية خارجة (٢) عن نافع (معائش) (٣) بالهمزة ، فهو تشبيه منه الأصلي بالزائد ، لما كان لفظ (معيشة) كلفظ (قبيلة) قال : معائش ، فهمز [١٤٩ / ب] كما قالوا : قبائل وصحائف. وهو مع ذلك ضعيف ، إذ لم يأت له نظير.
فأما مداين ، فإن جعلته من دان ، يدين (٤) ، فلا تهمز. وإن جعلته من : مدن (٥) ، استدلالا ، بمدن ، فهو كقبيلة.
باب القسم
اعلم أن الأصل في باب القسم : الباء ، ثم الواو ، وهو بدل من الباء ، ثم التاء ، وهو بدل عن الواو.
وبيان ذلك : أن الباء ، تدخل على المظهر ، والمضمر جميعا. فتقول : بالله ، لأقومنّ. وتقول : بك ، وبه. والواو بدل عن الباء ؛ لأن الواو ، لا تدخل إلا على المظهر ؛ فتقول : والله لأخرجنّ. ولا
__________________
(١) من الرجز ، وقبله :
وأن رأيت الدهر ذا الدوائر |
|
حنى عظامي ، وأراه ثاغري |
وهو للعجاج في الخصائص ١ : ١١٩٥ ، ٣ : ٣٢٦ ، ولجندل بن المثنى في شافية ابن الحاجب ٤ : ٣٧٤.
وبلا نسبة في الكتاب ٤ : ٣٧٠ ، التحصيل ٥٨٣ ، والإنصاف : ٧٨٥ ، وابن يعيش ٥ : ٧٠ ، ١٠ : ٩١ ، ٩٢ ، واللسان (عور) ٤ : ٦١٥.
(٢) هو" خارجة بن مصعب ، أبو الحجاج الضبعي (ت ١٦٨ ه). أخذ القراءة عن : نافع ، وأبي عمرو. وله شذوذ كثير عنهما ، لم يتابع عليه. روى القراءة عنه : العباس بن الفضل ، وأبو معاذ النحوي ، ومغيث بن بديل. ينظر : غاية النهاية ١ : ٢٦٨.
(٣) ٧ : سورة الأعراف ١٠ ، وبه قرأ : ابن عامر ، والأعرج ، وزيد بن علي ، والأعمش. تفسير الطبري ٨ : ٢٥ ، والسبعة ٢٧٨ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ١ : ٦٠٠ ، وتفسير التبيان ٤ : والبحر المحيط ٤ : ٢٧١ ، واتحاف الفضلاء ٢٢٤ ، وغيث النفع ١٣١ ، وتفسير القرطبي ٧ : ١٦٧.
(٤) أي : ملك اللسان (مدن) ١٣ : ٤٠٢
(٥) مدن : أقام. اللسان (مدن) ١٣ : ٤٠٢