الرِّياحَ
لَواقِحَ) ، على تقدير : ملقحات. وقالوا : أسعد ، فهو : مسعود ،
على تقدير : مسعد. وكذا (محبوب) من : أحبّ هو ، على تقدير : محبّ ، فحذفت. وقد قيل
: حبّ ، جاء متعديا. قال الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) ، فيمن قرأ بفتح التاء . فعلى هذا ، لا إشكال في (محبوب).
[الثاني] : في
خروج (حبذا) من نظائره : أنه جعل مع (ذا) بمنزلة شيء واحد. فأجروها مع (ذا) مجرى
فعل واحد ، فقالوا : هو بمنزلة (نعم) في المدح. فقالوا : حبذا الرجل زيد ، وحبذا
رجلا زيد. كما تقول : نعم الرجل زيد ، ونعم رجلا زيد. ومنهم من يجري حبذا مجرى
الاسم ، فيقول :
حبذا زيد ،
ويرفع (حبذا) بالابتداء ، وزيد في موضع خبره.
[فإن قلت] :
فإنّ الفعل ، لا يكون ، قط ، مرفوعا بالابتداء. لم يقولوا في : ضرب زيد : إنّ (ضرب)
مرفوع بالابتداء ، وزيد : في موضع خبره ؛ فكيف قالوا : حبذا : مرفوع بالابتداء ،
وزيد في موضع خبره؟.
[الجواب] :
قلنا : إنّ هذا الفعل ، لمّا جعل مع (ذا) بمنزلة شيء واحد ؛ و (ذا) اسم ؛ تبع
الفعل الاسم ، فسقط حكم الفعل منه ، وكان الحكم ل (ذا) وهو اسم. فكما إذا قالوا :
ذا زيد ؛ ارتفع (ذا) بالابتداء ، وزيد في موضع خبره ، فقالوا في (حبذا) كذلك ؛ إذ
حكم الفعل ، لمّا تبع الاسم ، حكم الاسم ؛ لأن الأصل في الكلام ، الأسماء.
والأفعال فروع عليها ؛ بدليل أن الكلام يستقل من الاسم ، ولا فعل معه. وإذا كان
كذلك صح أن قوله : حبذا : مرفوع بالابتداء.
وفي (حبذا)
بهذه اللفظة ، دليل على أن الفاعل يجري من الفعل ، كأحد حروفه. ولهذا المعنى بقّوه
في المذكر ، والمؤنث ، على لفظة واحدة ، ولم يقولوا : حبذه ؛ لأنه يراد [١٣٢ / ا]
به الجنس فيما بعده ، ويجري (ذا) من (حبّ) كحرف من حروفه.
وقول أبي الفتح
، أولا ، حبذا زيد : حبذا : مرفوع بالابتداء ، وزيد : خبره ، هو على الوجه الذي
قدّمنا. وقوله : من بعد (حبذا) يجري مجرى (نعم) يعني في قولهم :
٣١٦ ـ يا حبّذا القمراء ،
|
|
والليل
السّاج
|
كما تقول : نعم
الرجل. فإن قولك : نعم الرجل ، تقديره : نعم الرجل زيد ، فحذف للعلم به.
قال الله تعالى
: (إِنَّا وَجَدْناهُ
صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ، أي : أيوب فحذف للعلم به. قال الله
__________________