الصحيح الصريح ، في نحو : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ
فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ).
فأما قوله تعالى
: (فَهَبْ لِي مِنْ
لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ) ، وقوله تعالى [١٢٩ / ا] : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (٦) ، بالرفع ، والجزم : فالرفع في الأول ، على أنه صفة
للولي. والجزم : جواب الدعاء.
لأن المعنى :
إن تهب لي وليا ، يرثني. وأما الرفع في قوله : (وَلا تَمْنُنْ
تَسْتَكْثِرُ) فإن الفعل في موضع النصب ، على الحال ؛ أي : لا تمنن
مستكثرا ، وهو قراءة السبعة.
وأما الحسن ،
فإنه يجزم : (تَسْتَكْثِرُ) وله وجهان : الأول : أن تكون جواب النهي ، فجزم ؛ لأن
النهي قائم مقام الشرط. والوجه الثاني : أن (تَسْتَكْثِرُ)
، كأنه وقف عليه
؛ لأنه من الفواصل ، فوّفق بينه ، وبين قوله : (وَلِرَبِّكَ
فَاصْبِرْ) (٧) ، فيما بعد (وَالرُّجْزَ
فَاهْجُرْ) (٥) ، فيما قبل ذلك ، والله أعلم.
باب التّعجب
التّعجب يكون
بلفظين : أحدهما : ما أفعله ، والثاني : أفعل به.
فالأول : قولك
: ما أحسن زيدا. وقد اختلف الناس في (ما) هذه. فذهب سيبويه إلى أنّ (ما) هاهنا : نكرة. ومعناه : شيء. وهو مرفوع
بالابتداء. وما بعده ، جملة في موضع خبره. وذهب أبو الحسن إلى أنّ (ما) هاهنا ، بمعنى (الذي) موصول ، و (أحسن)
صلته. وخبره مضمر. تقديره : الذي أحسن زيدا ، موجود. ولم يستعمل إظهاره ، كما لم
يستعمل خبر المبتدأ الواقع ، بعد (لو لا) في قولهم : لو لا زيد لهلك عمرو.
وهذا الذي ذكره
، ليس بصحيح ؛ لأن (ما) إذا كانت موصولة ، كانت معرفة. والتعجب إنما يكون في شيء
مستبدع منكور ، لا من شيء قد عرف ، ووجد. واللائق به : شيء أحسن زيدا ، وما يقوم
مقامه (شيء).
[فإن قلت] :
هذا التقدير ، لا يستتب لكم في جميع الأشياء. ألا ترى أنا نقول : ما أعظم الله
، ولو قدرناه تقدير : شيء أعظم الله ، كان كفرا.
[الجواب] :
قولنا : ما أعظم الله ، وما أحسن زيدا ، وغير ذلك ؛ إنما هو تقدير. وفي الحقيقة ،
هذا (الشيء) هو هو ، أو صفة فيه. لأنا إذا قلنا : ما أحسن زيدا ، فالتعجب من كمال
حسنه. وإذا قلت : ما أعظم الله ، فالتعجب من كمال عظمته ، وقدرته ، على معنى أنّ
هذا [١٢٩ / ب] الكمال ،
__________________