بالرفع على أن يكون عطفا على الضمير الذي في الظرف ، وأنّ
التقدير : النفس مأخوذة بالنفس ، [هي] فعطف على الضمير ، ولم يؤكد. قال : وهذا مستحسن جدا.
قال الله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا
آباؤُنا) ، فعطف (آباؤنا) على الضمير في (أشركنا) ولم يؤكد ، كما
أكد في قوله : (ما عَبَدْنا مِنْ
دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا).
[فإن قلت] : إن
رفع قوله : (والعين بالعين) ، ليس كقوله : (ولا آباؤنا) ، لأنه قد طال الكلام ب (لا)
فحسن ، كما حسن في قوله : (فَأَجْمِعُوا
أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) ، فرفع (شركاؤكم ) بالعطف على الضمير في (فأجمعوا) ، وليس كذلك (والعين
بالعين).
[الجواب] : أن
قوله : (ولا آباؤنا) ، إنما كان يكون مثل قوله : (فَأَجْمِعُوا
أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) أن لو كانت (لا) قبل واو العطف ، كما أن المفعول في : (فأجمعوا
أمركم) ، إنما قام مقام التأكيد ، لما [١٠٩ / أ] كان قبل واو العطف. فلما لم تكن (لا)
، قبل الواو ، جاز : قمنا وزيد ، بدلالة الآية.
فأما قول محمد ، رحمة الله عليه ، في قول من قال : أنت طالق ، إن دخلت
الدار ، بل هذه : إنّ (هذه) تنعطف على (أنت) ، وإنّ التقدير : أنت طالق ، بل هذه ،
إن دخلت الدار. ودخول المخاطبة الدار ، شرط لوقوع الطلاق عليهما. فإنه ، إنما
استحسن هذا دون أن تكون (هذه) معطوفة ، على التاء المرفوعة ب (دخل) ، لأن قوله ،
أنت : مبتدأ ، وهي عمدة الكلام ، ومقصود بالإخبار عنه.
وكان عطف (هذه)
على (أنت) أولى من العطف ، على التاء ، لأن التاء متصل بفعل الشرط.
والشروط في
الكلام ، جارية مجرى الظروف. فقوله : أنت طالق ، إن دخلت الدار ، تقديره : أنت
طالق ، وقت دخول الدار. والظروف فضلة في الكلام ، فلم ير العطف على التاء المتصل ،
بالفضلة.
وقول من قال :
إنه ، إنما لم يعطف على التاء ، لأنه لا يستحسن : قمت وزيد ، فإنّ هذا القائل لم
يعلم أنه يستحسن : قمت في الدار وزيد. فقوله : إن دخلت الدار ، بل هذه ، في قيام
المفعول مقام الضمير ، في التأكيد ، كقوله : (فَأَجْمِعُوا
أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) لا فرق بينهما. وكقوله : (اسْكُنْ أَنْتَ
وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ). وكقوله : (فَاذْهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّكَ).
وأما المعطوف
على المضمر المجرور ، في نحو : مررت به وزيد ، فعندنا لا يجوز إلا بإعادة
__________________