منصرفا عنه. كقولك : رميت عن القوس ، لأنه تعداك إلى غيرك. ويكون عن : اسما
، بمعنى : الجانب.
وقد جاء ذلك في
الشعر كثيرا. [قال الشاعر] :
٢١٨ ـ ولقد أراني للرّماح دريئة
|
|
من عن يميني
، مرّة ، وأمامي
|
ف (عن) هاهنا :
اسم ، لأنه دخل عليه (من) ومعناه : الجانب ، و (من) تختص بالأسماء. فثبت أنه اسم.
ويكون (عن) بمعنى (بعد). قالوا في قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) ، أي : حالا ، بعد حال. [قال الشاعر] :
٢١٩ ـ بقيّة قدر ، من قدور تورّثت
|
|
من آل الجلاح
، كابرا بعد كابر
|
فاستعمل (بعد)
مكان (عن) فثبت أنه بمعناه.
وأما (على)
فلما عدا الشيء ، وصار فوقه. ويكون : اسما ، وفعلا وحرفا. فكونه اسما ، قولهم : جئت
من عليه ، أي : من فوقه. [قال الشاعر] :
٢٢٠ ـ غدت من عليه ، بعد ما تمّ ظمؤها
|
|
تصلّ ، وعن
قيظ ببيداء مجهل
|
أي : غدت من
فوقه. أنشده سيبويه ، وأبو علي . ويكون فعلا. قال الله تعالى : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ). وقال : (إِنَّ فِرْعَوْنَ
عَلا فِي الْأَرْضِ). فهذا فعل ، لأنك تقول : علا يعلو علوا. وكونه حرفا ،
قولهم : زيد على الفرس ، أي : صار فوقه ، وعلاه.
وأما (ربّ) فهو
حرف عندنا. وقال الكوفيون : بل هو اسم ، لأن نقيضه : كم. وكم : للعدد ، والكثرة ،
فيكون اسما. وكذلك رب : للعدد ، والقلة. فكما أن ذاك اسم ، فكذا هاهنا.
وهذا الذي
ذكروه : باطل. لأنا ، لم نحكم على كم بكونه اسما ، لما ذكروه ، وإنما حكمنا
باسميته ، لأنه يدخل عليه حرف الجر ، كقولك : بكم رجل مررت. وتخبر عنه ، كقولك :
كم مالك؟ كم : مبتدأ. ومالك : خبره.
وهذا المعنى
معدوم في (رب). فيكون حرفا ، ولا يكون اسما. وهو للتقليل. ويختص بالنكرة. كقولك :
رب رجل أكرمت. وتكون تلك النكرة موصوفة. ويكون (رب) مع المجرور منصوبا بفعل ظاهر ،
أو مضمر ، كقولك : رب رجل يقول ذاك أكرمته فيكون (ذاك) في موضع
__________________