فلا يوهمنّك
صحة قول أحمد بن يحيى ثعلب ، إنه يجوز : إلا زيدا قام القوم ، لأنه قال :
ولا ، خلا الجنّ ، بها إنسيّ
على تقدير :
ولا بها إنسيّ ، خلا الجنّ. فإنا نقول : إن التقدير فيه : وبلدة ليس بها طوري ،
ولا إنسي ، خلا الجن. فحذف (إنسيا) وأضمر المستثنى منه. وما أظهر : تفسير لما
أضمر. وهذا معنى قول ابن السري ، في جواب أحمد ، إنهم يرفعون (إنسيا) بالظرف. يعني
، بقوله : بها إنسي : إنسي : يرتفع بها ، فلا يتقدم على (بها) ما في حيزها. فقد
منحناك نبذة من أصول السراج ، لتعلم أن هذا غير موقوف على بعض دون بعض. والعائد في
صلة (ما) المصدرية ، يعود إلى فاعل (خلا) المضمر ، ولا يعود إلى (ما) لأن (ما) حرف
لا يقتضي العائد. وهذا آخر المنصوبات في كتاب اللمع.
باب حروف الجر
والأصل فيها (من)
وهو ينقسم إلى خمسة أقسام :
[الأول] : أن
يكون لابتداء الغاية ، كقولك : سرت من البصرة.
أي : كان
ابتداء سيري ، من هذا المكان.
[الثاني] : أن
يكون (من) للتبعيض كقولك : أخذت من المال ، أي : بعضه.
[الثالث] : أن
يكون للتبيين ، كقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) ، بيّن الرجس أنه منها.
[الرابع] : أن
يكون (من) بمعنى البدل ، كقوله تعالى : (أَرَضِيتُمْ
بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي
الْآخِرَةِ) ، أي : بدل الآخرة. وكقولك : (أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ
آخَرِينَ) أي : بدل ذرية قوم آخرين. [قال الشاعر] :
٢١٤ ـ فليت لنا من ماء زمزم شربة
|
|
مبرّدة ،
باتت على الطّهيان
|
قالوا : بدله.
[الخامس] : أن
يكون (من) زائدة في الكلام. وذلك في النفي ، دون الإثبات. كقولك : ما جاءني من أحد
، أي : ما جاءني أحد. لأن أحدا هذا يدل على استغراق الجنس في النفي. قال الله
__________________