(غدا) محمولا على أنه مفعول به ، على السعة. فصار كقولك : صمت اليوم.
واعلم أنّ ظروف الزمان على خمسة أقسام :
[الأول] : أن يكون منصرفا متصرفا ، وذلك ، نحو : اليوم ، والليلة ، والساعة ، والشهر. ألا ترى أنه منصرف لدخول الجر ، والتنوين عليه ، وأنه متصرف ، لأنه يدخله : الرفع ، والجر. تقول : اليوم يوم الجمعة. فترفعه ، وتخبر عنه. ومررت بك في يوم الجمعة [٦٨ / أ] فتجره ب (في).
[الثاني] : أن يكون الظرف غير متصرف ، ولا منصرف وذلك ، نحو قولك : جئتك سحر. إذا أردت سحر يومك. لا ينصرف للتعريف ، والعدل. لأنه معدول من السّحر ، لأنه معرفة ، وليس بمضمر ، ولا مبهم ، ولا علم ، ولا في لفظه لام التعريف ، ولا مضاف إلى أحد هذه الأربعة. فعلمت أنه معدول عن الألف ، واللام. وهو غير متصرف ، لأنه ما دام مرادا به (سحر يومك) بعينه. لم يدخل الرفع ، ولا الجر ، وهو ظرف. فإن أخرجته عن الظرفية ، فقلت : أول الليل خير من السحر. وجئتك بأعلى السّحر ، كان منصرفا متصرفا. وكذلك لو قلت : جئتك ذات مرة ، وبعيدات بين ، وضحوة ، وغدوة ، وذات صباح ، بهذه المنزلة : لا يتصرف ، ولا ينصرف.
[الثالث] : أن يكون منصرفا ، غير متصرف. وذلك : سحر ، إذا صغرته ، فقلت : جئتك سحيرا ، تنون. لأنه زال جهة العدل. ولا يتصرف ، لأنه لا يكون فاعلا ، ولا يدخل عليه الجار.
[الرابع] : أن يكون متصرفا ، ولا يكون منصرفا. وذلك : غدوة ، وبكرة. تقول : طابت بكرة ، فتخبر عنها ، ولا تصرفها ، للتعريف ، والتأنيث.
[الخامس] : أن يكون مبنيا. وذلك قولك : جئتك من قبل ، ومن بعد. قال الله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١).
فهو مبني ، لأنه قطع عن المضاف إليه ، وهو منويّ فيه. فلما كان كذلك ، كان كبعض الاسم. وبعض الاسم ، لا يستحق الإعراب. وبني على الحركة ، دون السكون ، لالتقاء الساكنين.
واختير الضم ، لأن النصب ، والجر يدخلانه حالة الإعراب. فلما صار إلى البناء ، بني على حركة ، لم تكن تدخله ، حالة الإعراب. وذلك هو الضّمّ.
ومنه : جئتك صباح مساء ، أي : صباحا ، ومساءا ، فضمّ أحد الاسمين إلى صاحبه ، فبني لتضمنه معنى واو العطف. وسترى ذلك ، إن شاء الله.
والظروف على ضربين ، أعني : ظروف الزمان. فقسم يكون جواب : متى. وقسم يكون جواب : كم.
فإذا قيل : متى يسار عليه؟. قلت : يوم الجمعة. لأن (متى) ظرف. وقوله : يسار عليه : الجار قائم مقام الفاعل. أو يكون في (يسار) ضمير السير. فكأنه قال : أيّ وقت يسار [٦٨ / ب] عليه؟. فينبغي أن يقال : يوم الجمعة. فتاتي باسم معرّف موقّت. ولو قال في جوابه : يومان ، لم يجز. لأنه نكرة ، وليس فيه إعلام ما استعمله. فإذا قيل : كم سير عليه؟ فقلت : يومان ، صح. لأنه
__________________
(١) ٣٠ : سورة الروم ٤.