ج ـ الاستشهاد
بالحديث الشريف : كل أبناء هذه الأمة يقرون أن الحديث النبوي الشريف ، يأتي بعد
كلام الله ، جل شأنه ، في علو الطبقة والفصاحة والبلاغة وصحة العبارة ومتانة
التركيب ، وجمال الأداء ، فكان ينبغي أن يلي القرآن الكريم ، في قوة الاستشهاد ،
والمصدر الثاني في الاحتجاج نحوا أو لغة.
غير أن الحديث
الشريف ، لم يلق هذا الاهتمام من النحويين الأوائل ، وبقوا صامتين ؛ حتى جاء أبو
الحسن علي بن محمد المعروف بابن الضائع المتوفى سنة (٦٨٦ ه) فعلل عدم احتجاج
النحويين بالحديث لكونه مرويا بالمعنى .
لذا نجد جامع
العلوم يجري على سنن من سبقه من النحويين الأوائل ، في مسألة الشاهد النحوي
وشرائطه ، فكان استشهاده من الحديث قليلا ، إذ استشهد به سبع عشرة مرة فقط.
٤ ـ مصادر شرح
اللمع : إن كتاب سيبويه يأتي في المقدمة من الكتب التي استقى جامع العلوم معارفه
منها ، فنهل من هذا الكتاب ما شاء الله له أن ينهل ، فلا غرو أن نجد جامع العلوم
ناقلا منه ، ومودعا شرحه آراء سيبويه والخليل ويونس. ثم نجده قد وعى آراء المبرد
وأبي الحسن الأخفش والفراء فيتعرض لآرائهم ناقلا لها أو رادا عليها ، فهؤلاء
العلماء جميعا يلقون بظلالهم في شرح اللمع لجامع العلوم ، أيضا.
وابن السراج ،
في أصوله ، من مصادره المهمة ؛ إذ صرح بالنقل من كتابه عدة مرات .
ويعد أبو علي
الفارسي ، بكتبه الثلاثة : التذكرة ، والحجة ، والإيضاح ، المصدر الأكبر ، بعد
كتاب سيبويه ، إذ كان جامع العلوم ، كثير الأخذ من هذه الكتب الثلاثة ، ولا سيما
الحجة ، وقد ذكرها جميعا في شرحه ، وكان مولعا بآراء أبي علي وتتبعها.
٥ ـ العلة
النحوية : كلنا يعلم أن علل النحو ليست موجبة ، وإنما هي مستنبطة أوضاعا ومقاييس ، يتوصل بمعرفة تلك الأوضاع والمقاييس إلى تعلم كلام
العرب وضبطه ، وعلة مجيئه مرفوعا ، أو منصوبا ، أو مجرورا ، أو مبنيا ، أو معربا ،
أو على هذا الوزن ، أو ذاك ، إلى غير ذلك.
وقد كانت العلة
عند النحويين ، مطلبا مهما ، حرصوا على ذكره وتأشيره في مصنفاتهم ؛ إذ نجد التعليل
النحوي والتوسع فيه ، ماثلا في كتاب سيبويه (ت ١٨٠ ه) وآثار من بعده ، كالمقتضب
للمبرد (ت ٢٨٦ ه) والأصول لابن السراج (ت ٣١٦ ه) والإيضاح في علل النحو للزجاجي (ت
٣٣٧ ه) والحجة لأبي علي الفارسي (ت ٣٧٧ ه) وعلل النحو لابن الوراق (ت ٣٨١ ه)
والخصائص لابن جني (ت ٣٩٢ ه) وثمار الصناعة للجليس النحوي (ت ٤٩٠ ه) وغيرهم.
واستقرى
النحويون واللغويون ما وصل إليهم من كلام العرب ، فدققوا في علله ، حتى
__________________