ذلك ، منها حديث أبي سعيد الخدري ، أن جبريل أتى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا محمد ، اشتكيت؟ قال : نعم. قال بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ، ومن شر كل نفس أو عين حاسد ، الله يشفيك ، بسم الله أرقيك. ومنها ما روي عن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس ، قالت : يا رسول الله ، إن ولد جعفر تسرع إليهم العين ، أفسترقي لهم؟ قال : نعم فإنه لو كان شيء سابق القدر ، لسبقت العين ، أخرجه الترمذي. وقال : حديث صحيح ، وعن أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، كان يتعوذ ، ويقول : أعوذ بالله من الجان وعين الإنسان ، فلما نزلت المعوذتان ، أخذ بهما وترك ما سواهما». أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن غريب. فهذه الأحاديث تدل على جواز الرقية ، وإنما المنهي عنه منها ما كان فيه كفر أو شرك أو ما لا يعرف معناه مما ليس بعربي ، لجواز أن يكون فيه كفر. والله أعلم» (٥٤).
وقال ابن حيان في تفسيره البحر ، عند قوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٥٥) ، ما نصه : «وقال مالك : لا بأس بتعليق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى على أعناق المرضى على وجه التبرك بها إذا لم يرد معلقها بذلك مدافعة العين. وهذا معناه ، قبل أن ينزل به شيء من العين ، أما بعد نزول البلاء ، فيجوز رجاء الفرج والبرء من المرض كالرقى المباحة التي وردت السنة بها من العين وغيرها ،. وقال ابن المسيب : يجوز تعليق العوذة في قصبة أو رقعة من كتاب الله ، ويضعه عند الجماع ، وعند الغائط ، ورخص الباقر في العوذة تعلق على الصبيان وكان ابن سيرين لا يرى باسا بالشيء من القرآن يعلقه الإنسان» (٥٦).
وقال ابن جزي في آخر قوانينه الفقهية ما نصه : «المسألة الثامنة في الرقى والدعاء للمريض ، ورد في الحديث الصحيح ، رقية اللديغ بأم القرآن ، وأنه برء. وقال صلىاللهعليهوسلم ، من عاد مريضا ، لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات : أسأل الله الكريم رب
__________________
(٥٤) تفسير الخازن ، ج ٤ ص ٣٢٤.
(٥٥) سورة الإسراء ، الآية ٨٢.
(٥٦) البحر المحيط ، ج ٦ ص ٧٤. مطبعة السعادة ، مصر ١٣٢٨ ه.