مطلب ذكر الآيات المشاهدة في الحرم
المذكورة في قوله تعالى «فيه آيات بينات»
فلما اطمأن بنا المجلس التفت علينا ـ وفد الحج ـ الأستاذ الشيخ محمد الأغظف بن شيخنا الشيخ ماء العينين ، وقال : حدثونا ببعض الأعاجيب التي شاهدتم في رحلتكم هذه إلى الحرمين ، فقال له جامع الرحلة ما العينين بن العتيق : أما أعاجيب الاختراعات العصرية ، فهي مشاهدة في كل بلد ، وكأن أمرها صار بديهيا عند الناس ، فلا نطيل بذكرها ، لكن من أعجب ما رأينا الآيات البينات التي ذكرها الله تالى في قوله : («إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ)(٧٥) إلخ فقد كنا نومن بها قبل مشاهدتها ، وقد شاهدنا بحمد الله منه كثيرا.
[الوافر]
ولكن للعيان لطيف معنى |
|
لذا سأل المشاهدة الخليل |
فمن تلك الآيات أن الطير لا يطير فوق الكعبة في الهواء ، بل ينحرف عنها إذا وصل إليها على كثرته يمينا وشمالا ، ومنها أن الوحوش لا يوذي بعضها في الحرم ، حتى الكلاب لا تهيج الظباء ولا تصطادها ، ومنها أن الطير إذا مرض منه شيء استشفى بالكعبة ، ومنها تأثير قدمي إبراهيم عليهالسلام في الحجر الذي كان يرفع عليه قواعد البيت ، فكلما علا الجدار ارتفع الحجر به في الهواء ، وذلك الأثر باق إلى اليوم. وقد نقلت ذلك كافة العرب في الجاهلية على تطاول القرون ومرور الأعصار ، كما قال في ذلك أبو طالب :
وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة |
|
على قدميه حافيا غير ناعل |
ومنها أن المسجد الحرام يسع المئين من الألوف ، بل كل من رام دخوله يسعه مما
__________________
(٧٥) سورة آل عمران ، آية ٩٦.