نكاح الحرائر الكتابيات ، واتفق على ذلك الصحابة إلا ما روى عن ابن عمر» (٥٢). ومشهور المذهب المالكي في المسألة ، هو ما جلبه خليل في مختصره حيث قال : «والكافرة إلا الحرة الكتابية بكره ، وتاكد بدار الحرب ، إلخ». قال شارحه الخرشي ما ملخصه : وحرم نكاح الكافرة إلا إذا كانت حرة كتابية ، فإنه يجوز نكاحها مع الكراهة على قول مالك. وقال ابن القاسم : يجوز بلا كراهة ، لقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، أي الحرائر. وإنما كره مالك ذلك في بلد الإسلام لتغذيها بالحمى وهو يلابسها ، وربما تموت وهي حامل ، فتدفن في مقابر الكفار ، وتأكدت الكراهة في تزويجها بدار الحرب لأنه لا يامن تربية ولده على دينها ، ونحو ذلك. وفي الدسوقي ما نصه : «والحاصل أن غير الكتابيات من الكفار لا يجوز وطؤهن لا بنكاح ولا بملك ، والكتابيات يجوز وطء حرائرهن بالنكاح وإمائهن بالملك فقط لا بالنكاح ، ولو كان سيدها مسلما ، فكل من جاز ولاء حرائرهم بالنكاح من غير المسلمين جاز ولاء إمائهم بالملك فقط ، وكل من منع ولاء حرائرهم بالنكاح ، منع ولاء إمائهم ولو بالملل» (٥٣).
فتبين مما قررنا أن نكاح الحرة الكتابية ، ذمية كانت أو حربية مباح ، والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الثالثة ، هل تجوز رقيا مرضاهم؟
والجواب عن ذلك والكلام في حكم الحرز
وأما المسألة الثالثة ، وهي هل تجوز لنا رقيا مرضاهم أم لا؟ فالجواب عنها ، أن الرقيا من حيث هي بكتاب الله وأسمائه ونحو ذلك مما يفهم معناه ، لا خلاف في جوازها ، وقد ورد ما يقتضي عموم الجواز للمسلم والكافر ، قال الخازن في تفسيره عند المعوذتين ما نصه : «وأما الرقى والتعاويذ ، فقد انعقد الإجماع على جواز ذلك ، إذا كان بآيات من القرآن ، أو إذا كانت وردت في الحديث. ويدل على صحته الأحاديث الواردة في
__________________
(٥٢) البحر المحيط ج ١١ ص ١٦٣ ـ ١٦٥.
(٥٣) شرح مختصر خليل للخرشي ، ج ٣ ص ١٨٨ ط ، ٣ المطبعة الأميرية بولاق.