والأقلام ، وأكابر بني عبد مناف ، ومن انخفض قدره وأناف ، وسروات (١) قريش ووجوه بني هاشم ، والبقيّة الطاهرة من بني العباس ، وخاصة الأئمة وعامّة الناس ، بيعة ترى بالحرمين خيامها ، ويخفق بالمأزمين (٢) أعلامها ، وتتعرّف عرفات بركاتها ، وتعرف بمنّى ويؤمّن عليها يوم الحجّ الأكبر ، ويوم ما بين الركن والمقام والمنبر ، ولا يبتغى بها إلّا وجه الله الكريم. بيعة لا يحلّ عقدها ، ولا ينبذ عهدها ، لازمة جازمة ، دائبة دائمة ، تامّة عامّة شاملة كاملة ، صحيحة صريحة ، متعبة مريحة ، ولا من يوصف بعلم ولا قضاء ، ولا من يرجع إليه في اتّفاق ولا إمضاء ، ولا إمام مسجد ولا خطيب ، ولا ذو فتوى يسأل فيجيب ، ولا من حشى المساجد ، ولا من تضمّهم أجنحة المحاريب ، ولا من يجتهد في رأي فيخطىء أو يصيب ، ولا مجادل بحديث ، ولا متكلّم في قديم وحديث ، ولا معروف بدين وصلاح ، ولا فرسان حرب وكفاح ، ولا راشق بسهام ولا طاعن برماح ، ولا ضارب بصفاح ، ولا ساع بقدم ولا طائر بجناح ، ولا مخالط الناس ولا قاعد في عزلة ، ولا جمع تكسير ولا قلّة ، ولا من يستقلّ بالجوزاء لواؤه ، ولا من يعلو فوق الفرقدين ثواؤه ، ولا باد ولا حاضر ، ولا مقيم ولا سائر ، ولا أوّل ولا آخر ، ولا مسرّ في باطن ولا معلن في ظاهر ، ولا عرب ولا عجم ، ولا راعي إبل ولا غنم ، ولا صاحب أناة ولا بدار ، ولا ساكن في حضر وبادية بدار ، ولا صاحب عمد ولا جدار ، ولا ملجّج في البحار الزاخرة والبراري القفار ، ولا من يعتلي صهوات الخيل ، ولا من يسبل على العجاجة الذّيل ، ولا من تطلع عليه شمس النهار ونجوم الليل ، ولا من تظلّه السماء وتقلّه الأرض ، ولا من تدلّ عليه الأسماء على اختلافها وترفع درجات بعضهم على بعض ؛ حتّى آمن بهذه البيعة وأمّن عليها ، وآمن بها ومنّ الله عليه وهداه إليها ، وأقرّ بها وصدّق ، وخفض لها بصره خاشعا وأطرق ، ومدّ إليها يده بالمبايعة ، ومعتقده بالمتابعة ، ورضي بها وارتضاها ، وأجاز حكمها على نفسه وأمضاها ، ودخل تحت طاعتها. وعمل بمقتضاها ، (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الزمر : ٧٥].
وإنّه لمّا استأثر الله بعبده سليمان أبي الربيع الإمام المستكفي بالله أمير المؤمنين كرّم الله مثواه ، وعوّضه عن دار السلام بدار السلام ، ونقله مزكّى به عن شهادة الإسلام ، بشهادة الإسلام حيث آثره بقربه ، ومهّد لجنبه ، وأقدمه على ما قدّمه من مرجوّ عمله وكسبه ، وحاز له في جواره فريقا ، وأنزله مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
__________________
(١) سروات القوم : سادتهم ورؤساؤهم.
(٢) المأزم : الضيق أو موضع الحرب.