الخلافة في بني
العباس الّذي كان لنبيّه الكريم عمّا ، وفرّج عنه ليلة العقبة بمبايعة الأنصار
كربة وغمّا ، فبشّره بأنّ الخلافة في عقبه فعمّه بالسرور عمّا. فلمّا انتهى ذلك
السرّ في العوالم إلى الحاكم قيل وقد أمسكت هيبة الخلافة عن معرفة حقوقها العظيمة
من كلّ عظيم فما (فَفَهَّمْناها
سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) [الأنبياء : ٧٩].
أحمده حمد من لم
يثن عن طاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر عزما ، ويورّثها من يشاء من خلقه اختيارا
ورغما ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي دعا إلى مودّة أولي القربى ومن أفضل من
قرابته زكاة وأقرب رحما ، صلىاللهعليهوآله وصحبه وخلفائه وعترته ، الذين هم أعدل البريّة حكما ، وبعد
:
فإنّ الملك
السّلام منذ أسجد لآدم ملائكته الكرام في سالف الزمان قدما ، جعل طاعة خلفائه في
بلاده على سائر عباده حتما ، كيف لا وبهم يعمر الوجود ، وتقام الحدود وتهدّم أركان
الجحود هدما! فبحياتهم تأمن البلاد ، وربّما صادف قرب وفاتهم أن لبس القمر ليلة
التّمّ حلّة السّواد وأخفى جرما. ولمّا كان سنّة من تقدّم من الأئمة الخلفاء إذا
خاف أن يهجم عليه الحمام هجما ، أو تهدى إليه الأيّام ألما وسقما ، تفويض الأمر
بولاية العهد على الخلق لخير ذويه وبنيه نجدة وحزما ، أشهد على نفسه الشريفة
مولانا الإمام الحاكم ـ والحاكم عليه تقواه ـ المراقب لله في سرّه ونجواه ، الحاكم
بأمر الله أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين ، ابن عمّ سيّد المرسلين ، وارث
الخلفاء الراشدين ، أبو العبّاس أحمد بن الأمير الحسن بن الأمير أبي بكر بن الأمير
علي القبّي بن أمير المؤمنين الرّاشد بالله بن أمير المؤمنين المسترشد بالله أبي
منصور الفضل ابن أمير المؤمنين المستظهر بالله أبي العباس أحمد بن أمير المؤمنين
أبي القاسم عبد الله ابن المرحوم الذّخيرة للدّين وليّ عهد المسلمين محمد بن
الإمام القائم بأمر الله أبي عبد الله محمد بن القادر بالله أبي العباس أحمد بن
أمير المؤمنين أبي الفضل جعفر المقتدر بالله بن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي
العباس بن الأمير محمد الموفّق بالله أبي طلحة وليّ عهد المسلمين بن أمير المؤمنين
جعفر المتوكّل بن أمير المؤمنين أبي إسحاق محمد المعتصم بن أمير المؤمنين هارون
الرّشيد بن أمير المؤمنين محمد المهديّ بن أمير المؤمنين عبد الله بن المنصور بن
محمد الكامل بن عليّ السجّاد بن عبد الله حبر الأمّة ابن العبّاس بن عبد المطلب
عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم ، أعزّ الله به الدين ، وأمتع ببقاء نسله الشريف الإسلام
والمسلمين ؛ وهو في حالة يسوغ معها الشهادة عليه ، ويرجع في الأمور المنوطة
للخلافة الشريفة إليه :
__________________