وأقام ابن رزّيك وزيرا إلى أن قتل في رمضان سنة ستّ وخمسين في خلافة العاضد ، وكان العاضد والفائز كلاهما تحت حجره ، فأقيم بعده في الوزارة ابنه رزّيك (١) ، ولقّب العادل ، فأقام فيها سنة وأياما ، وقتل.
ووزر بعده شاور (٢) بن مجير أبو شجاع السعديّ ، ولقّب أمير الجيوش ، وهو الوزير المشؤوم الذي يضاهيه في الشؤم العلقميّ وزير المستعصم ؛ فإنّ هذا قد أطمع الفرنج في أخذ الديار المصرية ، ومالأهم على ذلك ، كما أنّ العلقميّ هو الذي أطمع التتار في أخذ بغداد ، إلا أن الله لطف بمصر وأهلها ، فقيّض لهم عسكر نور الدين الشهيد ، فأزاحوا الفرنج عنها ، وقتل الوزير شاور بيد صلاح الدين يوسف بن أيّوب ؛ وقال بعض الشعراء في ذلك :
هنيئا لمصر حوز يوسف ملكها |
|
بأمر من الرّحمن قد كان موقوتا |
وما كان فيها قتل يوسف شاورا |
|
يماثل إلا قتل داود جالوتا |
وكان قتل شاور في ربيع الآخر سنة أربع وستّين (٣).
وولي الوزارة بعده الأمير أسد الدين شيركوه ؛ ولقّب الملك المنصور ، لقّبه بذلك العاضد ، فأقام فيها شهرين وخمسة أيام ، ومات في جمادى الآخرة.
فاستوزر العاضد بعده ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيّوب ، ولقّب الملك الناصر ، وقد تقدّم ذكر الخليعة التي لبسها يومئذ. ثمّ إن صلاح الدين أزال دولة بني عبيد ، وأعاد الخطبة لبني العباس في أوّل سنة سبع وستّين ، فصار لمصر أميرا بعد أن كان وزيرا.
وجعل وزيره القاضي الفاضل محيي الدين عبد الرحيم (٤) البيسانيّ ، فاستمرّ وزيرا له ، ولولده الملك العزيز ، ولولد العزيز الملك المنصور ، إلى أن مات سنة ستّ وتسعين وخمسمائة.
فوزر بعده للعادل صفيّ الدين بن شكر الدّميريّ ، إلى أن عزل سنة تسع وستمائة.
ووزر للكامل ابن شكر أيضا والحسن بن أحمد الديباجيّ.
ووزر للصالح جمال الدين عليّ بن جرير (٥) الرّقيّ ومعين الدين الحسن بن صدر
__________________
(١) انظر الكامل لابن الأثير : ٩ / ٧٥.
(٢) انظر الكامل لابن الأثير : ٩ / ٨١.
(٣) انظر الكامل لابن الأثير : ٩ / ج ٩٩.
(٤) شذرات الذهب : ٤ / ٣٢٤.
(٥) شذرات الذهب : ٥ / ١٨٢.