دينار ـ وضربت السّكّة باسمه على وجه ، وباسم أتابكه على وجه. ودعي لهما معا في الخطبة ، فأقام إلى يوم الثلاثاء حادي عشر رجب من هذه السنة ، فاجتمع الأمراء بالقلعة ، وخلعوا العادل (١). قال صاحب السّكردان : وهو السادس من دولة الأتراك ؛ فإنّ أوّلهم المعزّ أيبك ، وكلّ سادس من الخلفاء والملوك لا بدّ أنه يخلع. وأقاموا بعده قلاوون الصالحي (٢) ، ففوّض إليه الخليفة ، ولقّب الملك المنصور ، وكتب له تقليد هذه صورته ، من إنشاء القاضي محيي الدين عبد الظاهر :
الحمد لله الذي جعل آية السّيف ناسخة لكثير من الآيات ، وناسخة لعقود أولي الشّك والشّبهات ، الذي رفع بعض الخلق على بعض درجات ، وأهلّ لأمور البلاد والعباد من جاءت خوارق تملّكه بالّذي إن لم يكن من المعجزات فمن الكرامات.
ثمّ الحمد لله الذي جعل الخلافة العباسيّة بعد القطوب حسنة الابتسام ، وبعد الشّجوب جميلة الاتّسام ، وبعد التشريد لها دار سلام أعظم من دار السلام. والحمد لله على أن أشهدها مصارع أعدائها ، وأحمد لها عواقب نصرتها وإبدائها ، وردّ شبيبتها بعد أن ظنّ كلّ أحد أن شعارها الأسود ما بقي منه إلا ما أصابته العيون في جفونها والقلوب في سويدائها.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة يتلذّذ بذكرها اللسان ، وتتعطّر بنفحاتها الأفواه والآذان ، وتتلقّاها ملائكة القبول فترفعها إلى أعلى مكان.
ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أكرمنا به وشرّف لنا الأنساب ، وأعزّنا به حتّى نزل فينا محكم الكتاب ؛ صلىاللهعليهوآله الذين انجاب الدّين منهم عن أنجاب ، ورضي الله عن صحابته الذين هم أعزّ صحاب ؛ صلاة توفي قائلها أجره بغير حساب يوم الحساب.
وبعد حمد الله على أن أحمد عواقب الأمور ، وأظهر الإسلام سلطانا اشتدّت به من الأمة الظهور ، وشفيت الصدور ، وأقام الخلافة العباسية في هذا الزمن المنصور ، كما أقامها فيما مضى بالمنصور ، واختار لإعلان دعوتها من يحيي معالمها بعد العفاء ورسومها بعد الدثور ، وجمع لها الآن ما كان جمح عليها فيما قبل من خلاف كلّ ناجم ، ومنحها ما كانت تبشّرها به الملاحم ، وأنفذ كلمتها في ممالك الدولة العلويّة
__________________
(١) بعد مائة يوم. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٨].
(٢) وهو أحد المماليك الأتراك البحرية ، كان قبجاقي الجنس من قبيلة مرج أغلي ، فجلب صغيرا واشتراه الأمير علاء الدين أق سنقر الساقي العادلي بألف دينار. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٨].