الفصل بين الفعل وفاعله :
(ص) مسألة : الأصل أن يلي فعله وقد يفصل بمفعول لا إن ألبس ، خلافا لابن الحاج في مقدر الإعراب ، أو كان ضميرا غير محصور ، ويجب إن كان المفعول ضميرا ويؤخر ما حصر منهما بإنما وكذا إلا ، خلافا للكسائي مطلقا ، وللفراء وابن الأنباري في حصر الفاعل ، وحكم المتصل بضمير مر.
(ش) الأصل أن يلي الفاعل الفعل ؛ لأنه منزل منه منزلة الجزء ، ويجوز الفصل بينهما بالمفعول نحو : ضرب عمرا زيد ، ويجب البقاء على الأصل إذا حصل لبس كأن يخفى الإعراب ولا قرينة نحو : ضرب موسى عيسى ؛ إذ لا دليل حينئذ على تعين الفاعل من المفعول ، وهذا ما نص عليه ابن السراج والجزولي والمتأخرون ، ونازعهم في ذلك أبو العباس بن الحاج في نقده على «المقرب» بأن سيبويه لم يذكر في «كتابه» شيئا من هذه الأغراض الواهية ، وبأن في العربية أحكاما كثيرة إذا حدثت ظهر منها لبس ، ثم لا يقال بامتناعها كتصغير عمر وعمرو ، فإن اللفظ بهما واحد ولم يمنع ذلك تصغيرهما أو تصغير أحدهما ، مع أن من المقاصد المعروفة بين العقلاء إجمال ما يتخاطبون به لما لهم في ذلك من غرض ، فلا يبعد لذلك جواز ضرب موسى عيسى ؛ لإفادة ضرب أحدهما الآخر من غير تعيينه ، انتهى.
فإن كان قرينة أو لفظية جاز وفاقا نحو : أكل الكمثرى موسى ، وأضنت سعدى الحمى ، وضربت موسى سعدى ، وضرب موسى العاقل عيسى ، ويجب البقاء على الأصل أيضا إذا كان الفاعل ضميرا غير محصور نحو : ضربت زيدا وأكرمتك ؛ لأن الفصل يؤدي إلى انفصال الضمير مع إمكان اتصاله ، ويجب الخروج عن الأصل إذا كان المفعول ضميرا والفاعل ظاهرا لما ذكر نحو : ضربني زيد.
ويجب تأخير المحصور فاعلا كان أو مفعولا ، ظاهرا أو ضميرا محصورا بإنما إجماعا خوف الإلباس ، وكذا بإلا على الأصح إجراء لها مجرى إنما نحو : إنما ضرب عمرا زيد ، أي : لا ضارب له غيره ، وقد يكون لزيد مضروب آخر وإنما ضرب زيد عمرا ، أي : لا مضروب له غيره وقد يكون لعمرو ضارب آخر ، وكذا إنما ضرب زيدا أنا ، وإنما ضربت زيدا ، أو إياك ، وما ضرب عمرا إلا زيد ، وما ضرب زيد إلا عمرا ، وما ضرب زيد إلا أنا ، وما ضربت إلا زيدا ، أو إلا إياك ، وأجاز الكسائي تقديم المحصور بإلا فاعلا كان أو مفعولا ؛ لأمن اللبس فيه بخلاف إنما ، ومنه قوله :