ومن النحويين من جعلها ضمائر ، ثم اختلفوا فقيل : ما بعدها بدل منها ، وقيل : مبتدأ والجملة السابقة خبر ، والصحيح الأول ؛ لنقل الأئمة أنها لغة وعزيت لطيّئ وأزد شنوءة ، وكان ابن مالك يسميها لغة : «يتعاقبون فيكم ملائكة» (١) ، وهو مردود كما بينته في «أصول النحو» وغيره.
حذف عامل الفاعل :
(ص) ويحذف لقرينة كأن يجاب به نفي أو استفهام ، ولا يقاس ليبك يزيد ضارع ، وقيل : يجوز إن أمن ، وجوز قوم زيد عمرا ، أي : ليضرب لدليل.
(ش) يجوز حذف عامل الفاعل لقرينة كأن يجاب به نفي أو استفهام ك : زيد في جواب ما قام أحد؟ أو من قام؟ ، ومما حذف فيه لعدم اللبس قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) [النور : ٣٦ ـ ٣٧] ، على قراءة بناء يسبح للمفعول ؛ إذ التقدير : يسبحه رجال ؛ لدلالة يسبح عليه ، ومثله قول الشاعر :
٦٣٢ ـ ليبك يزيد ، ضارع لخصومة
أي : يبكيه ضارع ، واختلف في القياس على ذلك فمنعه الجمهور ، وجوزه الجرمي وابن جني وابن مالك حيث لم يلتبس الفاعل بالنائب عنه ، فلو قيل : يوعظ في المسجد رجال ، على معنى يعظ رجال ، لم يجز ؛ لصلاحية إسناد يوعظ إليهم ، بخلاف يوعظ في المسجد رجال يزيد ، فإنه يجوز ؛ لعدم اللبس ، وأجاز بعض النحويين زيد عمرا بمعنى ليضرب زيد عمرا إذا كان ثمّ دليل على إضمار الفعل ولم يلبس ، ومنع ذلك سيبويه وإن لم يلبس ؛ لأن إضمار فعل الغائب هو على طريق التبليغ ، وإضماره يستدعي إضمار فعل آخر ؛ لأن المعنى قل له ليضرب فكثر الإضمار.
__________________
ـ وشرح شواهد الإيضاح ٣٣٦ ، ٦٢٦ ، وشرح المفصل ٣ / ٨٩ ، ٧ / ٧ ، والكتاب ٢ / ٤٠ ، واللسان مادة (سلط ، دوف) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٥٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٦٣.
٦٣٢ ـ البيت من الطويل وهو لضرار بن نهشل في معاهد التنصيص ١ / ٢٠٢ ، وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه ١ / ١١٠ ، وللحارث بن نهيك في الخزانة ١ / ٣٠٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٤ ، وشرح المفصل ١ / ٨٠ ، والكتاب ١ / ٢٨٨ ، وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص ٣٦٢ ، ولنهشل بن صرى في الخزانة ١ / ٣٠٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٦٥.
(١) أخرجه البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة ، باب فضل صلاة العصر (٥٥٥) ، ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب فضل صلاتي الصبح والعصر ... (٦٣٢).