وقوله :
٥٥٩ ـ لا سابغات ولا جاواء باسلة
قال أبو حيان : وفرع بعض أصحابنا بناء الكسر والفتح على الخلاف في حركة لا رجل ، فمن قال : إنها حركة إعراب أوجب هنا الكسر ، ومن قال : إنها حركة بناء أوجب الفتح ؛ للتركيب كخمسة عشر ؛ إذ الحركة ليست للذات خاصة إنما هي للذات ولا ، ومن جوز الوجهين راعى الأمرين ، ثم إذا بني على الفتح جوازا أو وجوبا فلا ينون كما هو ظاهر ، وإن بني على الكسر فقيل : لا ينون ، وعليه الأكثرون ، كما لا ينون في النداء نحو : يا مسلمات ، وبه ورد البيتان السابقان ، وقيل : ينون وعليه ابن الدهان وابن خروف ؛ لأن التنوين فيه كالنون في الجمع فيثبت كما ثبت في لا مسلمين لك ، فإن أضيف لفظا أو تقديرا أعرب بالكسر وفاقا نحو : لا مسلمات زيد لك ، أو لا مسلمات لك.
ويمنع التركيب غالبا دخول الباء على لا نحو : بلا زاد ، وسمع جئت بلا شيء بالفتح وهو نادر ، والإجماع على أن لا هي الرافعة للخبر عند عدم التركيب ، وأما في التركيب فكذلك عند الأخفش والمازني والميرد والسيرافي وجماعة ، وصححه ابن مالك إجراء لها مجرى إن ، وقيل : إنها لم تعمل فيه شيئا ، بل لا مع النكرة في موضع رفع على الابتداء والمرفوع خبر المبتدأ ، وصححه أبو حيان وعزاه لسيبويه ، واستدل لجواز الإتباع هنا بالرفع قبل استكمال الخبر ، بخلاف إن ، وذهب بعضهم إلى أنها لم تعمل في الاسم أيضا شيئا حالة التركيب ؛ لأنها صارت منه بمنزلة الجزء وجزء الكلمة لا يعمل فيها.
وبقي في المتن مسائل :
الأولى : يجب تنكير خبر لا ؛ لأن اسمها نكرة فلا يخبر عنها بمعرفة وتأخره عنها وعن الاسم ، ولو كان ظرفا أو مجرورا لضعفها فلا يجوز الفصل بينها وبين اسمها لا بخبر ولا بأجنبي.
الثانية : حذف خبر هذا الباب إن علم غالب في لغة الحجاز ، ملتزم في لغة تميم وطيئ فلم يلفظوا به أصلا نحو : (لا ضَيْرَ) [الشعراء : ٥٠] ، (فَلا فَوْتَ) [سبأ : ٥٠] ، و «لا
__________________
٥٥٩ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ٣٩٦ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥١ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٤١.