والتزموا فيها ألا يذكر الجزآن معها ، بل لا بدّ من حذف أحدهما ، والأكثر كون المحذوف الاسم وقد يكون الخبر ، وقرئ بالوجهين قوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] ، أي : ولات الحين حين مناص ، أو ولات حين مناص لهم ، وهل تعمل في هنا كسائر مرادف الحين؟ قولان : أحدهما : نعم وعليه الشلوبين وابن عصفور كقوله :
٤٤٠ ـ لات هنّا ذكرى جبيرة
ف : هنا اسمها وذكرى الخبر ، أي : لات هذا الحين حين ذكرى جبيرة ، وقوله :
٤٤١ ـ حنّت نوار ولات هنّا حنّت
أي : ليس هذا أوان حنين.
والثاني : لا وعليه ابن مالك ، وهي فيما ذكر وشبهه مهملة ، وهنا نصب على الظرفية خبر ما بعده والفعل خبر ما بعده على تقدير أن هنا ظرف غير متصرف فلا يخلو من معنى في ، إلا بأن يدخل عليه من أو إلى ، ووافقه أبو حيان.
القول الثاني : أنها لا تعمل شيئا ، بل الاسم الذي بعدها إن كان مرفوعا فمبتدأ ، أو منصوبا فعلى إضمار فعل ، أي : ولات أرى حين مناص ، نقله ابن عصفور عن الأخفش ، وصاحب «البسيط» عن السيرافي ، واختاره أبو حيان ؛ لأنه لم يحفظ الإتيان بعدها باسم وخبر مثبتين ، ولأن ليس لا يجوز حذف اسمها فلو حذف اسم لات لكانوا قد تصرفوا في الفرع ما لم يتصرفوا في الأصل ، إلا أنه جعل المنصوب بعدها خبر مبتدأ محذوف ؛ لأنه لم يحفظ نفي الفعل بها في موضع من المواضع.
القول الثالث : أنها تعمل عمل إن وهي للنفي العام ، وعزي إلى الأخفش فجعل (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] بالنصب اسمها مثل لا غلام سفر ، والخبر محذوف ، أي :لهم.
الرابع : أنها حرف جر تخفض أسماء الزمان قاله الفراء وأنشد :
__________________
٤٤٠ ـ البيت من الخفيف ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٥٣ ، والخزانة ٤ / ١٩٦ ، ١٩٨ ، والخصائص ٢ / ٤٧٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٧ ، واللسان ، مادة (هنا) ، والمحتسب ٢ / ٣٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٠٦ ، ٤ / ١٩٨ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢٨٩ ، ورصف المباني ص ١٧٠ ، واللسان ، مادة (هنأ) ، والمقرب ١ / ١٢٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٥٩.
٤٤١ ـ تقدم البيت برقم ٢١٨ ، في بحث «اسم الإشارة».