وخرج من عندها فدخل المسجد وجعل (١) شيئا يستر به الحجر أن يصيبه المنجنيق.
فقيل له : ألا نكلمهم في الصلح؟ [قال](٢) أو حين صلح هذا ، والله لو وجدوكم في جوفها يعني الكعبة لذبحوكم جميعا ، ثم أنشأ يقول :
ولست بمبتاع الحياة بسبّة |
|
ولا مرتق من خشية الموت سلّما |
أنا لابن أسما إنّه غير نازح |
|
ملاقي المنايا أيّ صرف تيمّما (٣) |
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول : ليكنّ أحدكم سيفه كما يكنّ وجهه ، لا ينكسر سيفه فيتقي بيده عن نفسه كأنه امرأة ، والله ما لقيت زحفا قطّ إلا كنت في الرعيل الأول ، ولا ألمت جرحا قط إلا ان آلم الدواء ، قال : بينا هو كذلك ، إذ دخل عليه نفر من باب بني جمح فيهم أسود ، فقال : من هؤلاء؟ قيل : أهل حمص ، فحمل عليهم ومعه سيفان فأول من لقيه الأسود ، فضربه ضربة حتى أطنّ رجله ، فقال الأسود : آخ يا ابن الزانية ، فقال ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ : اصبر ابن حام ، أسماء زانية!! ثم أخرجهم من المسجد ، وانصرف ، فإذا هو بقوم قد دخلوا من باب بني سهم ، فقال : من هؤلاء؟ فقيل : أهل الأردن ، فحمل عليهم وهو يقول :
لا عهد لي بغارة من (٤) السّيل |
|
لا ينجلي غبارها حتّى اللّيل |
__________________
(١) في المنتقى (وجعل يهيئ شيئا) وعند الحاكم : (وجعل مصر أعين على الحجر الأسود).
(٢) سقطت من الأصل ، وألحقتها من المنتقى والمستدرك.
(٣) البيتان عند الطبري ، لكنّه قدّم الثاني ، وذكره هكذا :
أبي لابن سلمى أنّه غير خالد |
|
ملاقي المنايا أي صرف تيمّما |
وتصحف هذا البيت في المستدرك تصحيفا شنيعا.
(٤) كذا في الأصل ، وفي المستدرك ، وتهذيب ابن عساكر (مثل).