عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فانفق في حجه ستة عشر دينارا (١). وزاد محمد بن أبي عمر : فقال له المهدي يا أبا عبد الله كيف رأيت حجنا؟ فقال لو لا ما يصنع هؤلاء ـ يعني الأعوان ـ.
ولقد حدّثني أبو عمران أيمن بن نابل ، عن قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي ، قال : رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر ، لا طرد ولا ضرب ولا اليك اليك (٢). وإنّ اعوانك يا أمير المؤمنين هؤلاء قد آذوا الناس وطردهم ، فسكت عنه.
وقد كان أمير المؤمنين المهدي أمر بعمارة المسجد الحرام والزيادة فيه في حجته الأولى ، فعمر وزيد فيه ما وصفنا ، فكان فيه تعويج ، فلما قدم في هذه السنة رأى الكعبة في شق من المسجد ، فكره ذلك ، وأحبّ أن تكون / متوسطة في المسجد. قال : فدعا المهندسين ، فشاورهم في ذلك ، فقدروا ذلك ، وإذا هو لا يستوى لهم من أجل الوادي والسيل ، وقالوا : إنّ وادي مكة يسيل أسيالا عظيمة عارمة ، وهو واد حدور ، ونحن نخاف إن حوّلنا الوادي من مكانه أن لا ينصرف لنا على ما نريد ، مع أن [ما وراءه](٣) من الدور والمساكن ما تكثر فيه المؤونة ، ولعله أن لا يتم ، قال : فقال لهم أمير المؤمنين : لا بدّ لي من أن أوسعه حتى أوسط الكعبة في المسجد على كل حال ، ولو أنفقت فيه ما في بيوت الأموال. وعظمت في ذلك نيته ، واشتدت رغبته ، ولهج بعمله ، وكان من أكبر همه ، فقدر ذلك وهو حاضر ، ونصبت الرماح على الدور ، من أول موضع الوادي إلى آخره ، ثم ذرعوا من فوق الرماح حتى عرفوا ما يدخل في المسجد الحرام من ذلك وما يكون الوادي [فيه](٤)
__________________
(١) أنظر تاريخ بغداد ٩ / ١٦٠ ، وحلية الأولياء ٦ / ٣٧٧.
(٢) رواه أحمد في المسند ٣ / ٤١٣ ، والترمذي ٤ / ١٣٦ ، والنسائي ٥ / ٢٧٠ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠٩.
(٣) في الأصل (من ورائه) والتصويب من الأزرقي.
(٤) سقطت من الأصل ، وألحقناها من الأزرقي.