سبعا قام غلام من غلمان الكعبة وهو المسمّع في الصلاة وراء المقام ، فصاح بأعلى صوته بالحرس : أرسل أرسل ، فإذا سمع ذلك الحرسي الذي على أبواب المسجد أرسلوا الرجال حينئذ ، وقد صار النساء إلى منازلهن ، فإذا كان بعد القيام بليل وذلك مقدار الأذان الأول أو أرجح جاء المؤذّن إلى المنارة التي تلي أجياد ، وقد جمع مؤذني الجبال قبل ذلك تحت المنارة من خارج في الوادي ، فصاح بأعلى صوته : السحور رحمكم الله ، اشربوا رحمكم الله ، فيفعل ذلك مرتين أو ثلاثا ، فيجيبه مؤذّنو الجبال الذي (١) تحت المنارة ويصيحون : اشربوا ، ويتفرقون في فجاج مكة يؤذّنون الناس بالسحور إلى قريب من الفجر.
* وسمعت بعض فقهاء أهل مكة وأشياخها يقول : كان من أمر الناس قديما أن يختموا القرآن في شهر رمضان ليلة سبع وعشرين في الترويحة الأولى من التراويح في الركعة الثالثة من الترويحة الأولى ، فإذا فرغ الخاتم دعا وهو قائم قبل ركوعه ، ودعا الناس معه ساعة لا يطول فيها ولا يقصر لكيلا يضر بالضعيف ، ثم يركع ، فإذا قام في الرابعة قرأ بفاتحة الكتاب وآيات من سورة البقرة ليكون قد ختم وابتدأ.
قال : ويروى عن بعض من مضى من قرّاء أهل مكة أنهم كانوا في الختمة إذا بلغوا (والضحى) كبّر الخاتم بعد فراغه من كل سورة يقول : الله أكبر في الصلاة ثم تركوا ذلك بعد ، وجعلوا التكبير عند قراءة القرآن في المسجد الحرام في غير شهر رمضان ، ثم تركوه بعد ذلك ، فإذا كانت ليلة تسع وعشرين من شهر رمضان وفرغ الناس من أربع من التراويح الخمس قاموا فأداروا بالكعبة من جوانبها ووقفوا يدعون الله ، ويكبّرون ، ويسألون المغفرة لذنوبهم ، والقبول لصيامهم وأعمالهم ، وأن لا يجعله آخر العهد من صيام شهر
__________________
(١) كذا في الأصل.