[عبد الحميد](١) قال : ثنا موسى بن أبي دارم ، عن وهب بن منبّه ، قال : بلغ عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن مجلس كان في المسجد في ناحية بني سهم ، يجلس فيه ناس من قريش يختصمون ، فترتفع أصواتهم ، فقال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : انطلق بنا إليهم. قال : فانطلقنا ، حتى وقفنا عليهم ، فقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أخبرهم عن الكلام الذي كلم به الفتى أيوب ، وهو في بلائه. قال : قلت له : قال الفتى : يا أيوب أما كان في عظمة الله ، وذكر الموت ما يكل لسانك ، ويقطع قلبك ، ويكسر حجتك؟ يا أيوب ، أما علمت أن لله عبادا اسكتتهم خشية الله من غير عيّ ولا بكم ، وانهم لهم النبلاء الطلقاء الفصحاء الألباء العالمون بالله وأيامه ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله ـ تعالى ـ تقطعت قلوبهم ، وكلّت ألسنتهم ، وطاشت عقولهم وأحلامهم فرقا من الله ـ عزّ وجلّ ـ وهيبة له ، فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ بالأعمال الزاكية لا يستكثرون لله الكثير ، ولا يرضون له بالقليل ، يعدون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين ، وانّهم لأنزاه أبرار ، ومع المضيّعين والمفرّطين وانهم لأكياس أقوياء ، ناحلون ذائبون يراهم الجاهل / فيقول : مرضى ، وليسوا بمرضى وقد خولطوا وقد خالط القوم أمر عظيم.
قال أبو الحكم : وكتب إليّ رجل ، أنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال لهم على إثر هذا الكلام : كفى لك ظالما أن لا تزال مخاصما ، وكفى بك إثما ان لا تزال مماريا ، وكفى لك إثما ان لا تزال محدّثا بغير ذكر ـ الله تعالى ـ.
__________________
(١) في الأصل (عبد الواحد) وهو خطأ.