أودع الله في فطرة الإنسان احترام الحياة وتكريم الآخرين ، بيد ان نفسه طوعت له ، وذللت هذه الجريمة.
(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ)
خسر فطرته النقية ، وخسر أخاه الكريم ، وخسر حياته الهادئة ، وخسر مستقبله في الآخرة.
[٣١] قتل أخاه وتورط في الأمر ، ماذا يفعل بجسد أخيه .. بهذه العلامة الواضحة لجريمته؟! وهنا بعث الله غرابا ، يثير الأرض بمنقاره فانهار كبرياء قابيل الكاذب ، وتهاوى صرح غروره ، وعادت اليه فطرته ، وقد خمدت جذوة الغضب السابقة التي كانت قد حجبت عنه عقله ، وقال لنفسه : كم انا عاجز وكم كنت مغرورا بنفسي فهذا الغراب عرفني كيف ادفن جسد اخي!!!
(فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)
[٣٢] أرايت كيف قضى قابيل على حياة أخيه ، وكيف ندم على فعلته دون ان ينفعه الندم أرأيت كم هي عظيمة ومؤلمة جريمة القتل ، لذلك احترمت الشرائع السماوية حياة الإنسان وجعلت حياة كل فرد مساوية لحياة الناس جميعا.
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ)
حيث يجوز القتل قصاصا أو لمنع الفساد كما يبينه الدرس القادم ، اما في غير ذلك فان قتل نفس واحدة ، تكون بمثابة قتل النفوس جميعا ....