أقحمت في اتون الحرب من دون ارادة مسبقة لها ، بل استسلاما لدافع الخوف.
من هنا توحي إلينا قصة ابني آدم بأن الخوف من الاعتداء ، ليس سببا معقولا للاعتداء حيث ان هابيل (القتيل) أجاب على التهديد بالقتل بكلام تربوي ، وصرح بعدئذ (في الاية التالية) بأنه لن يمد يده لقتل أخيه.
الثانية : ان الاستعلاء ليس طريقا للعلو فمن يريد الصعود الى الجبل لا يكفيه ان يقف على السفح ويمني نفسه بالصعود ، أو يعارض من يصعد ، بل عليه ان يحرك نفسه ويعمل على تغيير ذاته حتى يصعد. والله لا يتقبل عمل أحد ، وبالتالي لا يباركه ، ولا يوفقه للنجاح إذا لم يغير ذاته ويتق الله.
فمن يعمل من أجل تحصيل العلم ثم لا يصل اليه ، ويرى الآخرين أصبحوا علماء فليس الطريق الأفضل له ان يعارض العلماء ويناصبهم العداء ، بل من الأفضل والأنفع له أن يراجع نفسه ليجد ان فيها خللا ما منعه عن الوصول الى العلم ، فيصححه وهكذا إذا يكون منطلق التقدم هو هذا المبدأ (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) إذ انهم وحدهم الذين يصلحون أنفسهم فيساعدهم الله على ذلك.
[٢٨] (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ)
وبذلك صرح القرآن بأن التهديد ليس مسوغا للمبادرة بالجريمة ، وإذا استطاع الإنسان ان يقاوم إغراء التهديد فلا يقتل الناس ولا يشن الحروب الابتدائية ضد الآخرين ، لأن نصف الحروب تصبح بلا مبرر وبلا دافع إليها.
إذا فما الذي يساعدنا على ضبط الشعور بالخوف من الآخرين ، وبالتالي تحديد غريزة المبادرة بعد التهديد؟
الجواب : هو الخوف من الله فهو خوف يقاوم الخوف من البشر ، فلأنك تخشى