إرادة الخير بك» ، وكقوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) [النساء : ١١٤] ، أو بأن يكون منزّلا من الفعل منزلة المفعول ، وذلك في خبر كان وأخواتها ، والحال والتمييز المنتصب عن تمام الكلام ، مثل : «طاب زيد نفسا ، وحسن وجها ، وكرم أصلا» ، ومثله الاسم المنتصب على الاستثناء ، كقولك : «جاءني القوم إلّا زيدا» ، لأنّه من قبيل ما ينتصب عن تمام الكلام.
وأما تعلّق الحرف بهما ، فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يتوسّط بين الفعل والاسم ، فيكون ذلك في حروف الجرّ التي من شأنها أن تعدّي الأفعال إلى ما لا تتعدّى إليه بأنفسها من الأسماء ، مثل أنّك تقول : «مررت» ، فلا يصل (١) إلى نحو «زيد ، وعمرو» ، فإذا قلت : «مررت بزيد ، أو على زيد» ، وجدته قد وصل «بالباء» أو «على». وكذلك سبيل الواو الكائنة بمعنى «مع» في قولنا : «لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها» ، بمنزلة حرف الجر في التوسّط بين الفعل والاسم وإيصاله إليه ، إلّا أنّ الفرق أنّها لا تعمل بنفسها شيئا ، لكنها تعين الفعل على عمله النّصب. وكذلك حكم «إلّا» في الاستثناء ، فإنها عندهم بمنزلة هذه «الواو» الكائنة بمعنى «مع» في التوسط ، وعمل النّصب في المستثنى للفعل ، ولكن بوساطتها وعون منها.
والضّرب الثاني من تعلّق الحرف بما يتعلّق به : «العطف» ، وهو أن يدخل الثاني في عمل العامل في الأول ، كقولنا : «جاءني زيد وعمرو» و «رأيت زيدا وعمرا» ، و «مررت بزيد وعمرو».
والضّرب الثالث : تعلّق بمجموع الجملة ، كتعلّق حرف النّفي والاستفهام والشّرط والجزاء بما يدخل عليه ، وذلك أن من شأن هذه المعاني أن تتناول ما تتناوله ، وبعد أن يسند إلى شيء.
معنى ذلك : أنك إذا قلت : «ما خرج زيد» ، و «ما زيد خارج» ، لم يكن النفي الواقع بها متناولا الخروج على الإطلاق ، بل الخروج (٢) واقعا من «زيد» ومسندا إليه.
ولا يغرّنّك قولنا في نحو «لا رجل في الدار» : إنها لنفي الجنس ، فإن المعنى في ذلك أنها لنفي الكينونة في الدار عن الجنس. ولو كان يتصوّر تعلّق النفي بالاسم
__________________
(١) أي : فلا يتعدى بنفسه.
(٢) بل كان الخروج.